وهي تربيته سبحانه وتعالى لأوليائه، فيربيهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكملهم، ويدفع عنهم الصوارف، والعوائق الحائلة بينهم وبينه، قـال تعـالى (الله يجتبي إليه من يشاء، ويهدي إليه من ينيب) والمعنى : (الله يجتبي إليه من يشاء) أي يختار من خلقه من يعلم أنه يصلح للاجتباء لرسالته وولايته، ومنه أن اجتبى هذه الأمة، وفضَّلها على سائر الأمم، واختار لها أفضل الأديان وآخرها.
فالنبي صلى الله عليه وسلم اصطفاه ربه وتولى أمر تربيته، حيث صانه الله تعالى عن أفعال الجاهلية المنكرة، فلم يعبد صنماً، ولم تُر عورته، ولم يسمع لهواً قط، فقد كان يحمل مع عمومته وأبناء عمومته الحجارة أثناء بناء الكعبة، فرفع ثوبه على عاتقه ليستعين به على حمل الحجارة، فكشف عن بعض عورته، فسقط وقيل له غط عورتك.
وذهب ليسمع الغناء كبقية فتيان قريش، فوصل إلى المكان، ثم نام حتى طلوع الشمس فلم يسمع شيئاً فهذه تربية ورعاية ربانية خاصة.
وأما التربية العامة فهي بالنعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده، من رزق، وإرسال الرسل، فيهدي بهدايته العامة من ينيب إليه، بعد أن عرف النعمة وأحسَّ بجميع الدلائل الكونية والشرعية على أن الله تعالى هو رب البرية؛
فأناب إليه، ثم هداه تعالى ووفقه، قال تعالى (ويهدي إليه من ينيب) هذا السبب الذي، يتوصل به العبد إلى هداية الله تعالى؛ وهو الإنابة إليه، وانجذاب دواعي قلبه إليه، وكونه قاصداً وجهه، فَحُسْنُ مقصد العبد مع اجتهاده في طلب الهداية من أسباب التيسير لها السعدي ، تيسير الكريم الرحمن (4/414) . قــال تـعالـى ) يهدي به الله من اتبع رضوانه سُبُل السلام، ويُخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم)
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : ( لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل ؛حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه )
فأي هداية أعظم من هذه التربية التي تولت جميع الأعضاء الأساسية في الإنسان الذي أناب لربه.