الثواب والتحفيز المادي وأثره على النفوس
إن المهتم بعملية التربية والتعليم يدرك بجلاء أهمية الثواب وأثره على نفوس المتعلمين حيث يبعث فيهم روح النشاط والمثابرة والجد والمنافسة كما أنه من العوامل المهمة في استثارة الدوافع الكامنة في نفوسهم وتوجيهها .
هذا وإن التحفيز والثواب يتأتى في صور وأشكال مختلفة يمكن التنويع فيما بينها ومنها الثواب والتحفيز المادي ، ولعلي أقف هنا وقفة يسيرة مع هذا النوع من الثواب في ضوء القرآن الكريم وسنة النبي الكريم صلى اله عليه وسلم .
أخي القارئ الكريم إن من طبيعة الإنسان وفطرته حبه للمال، فهو زينة الحياة الدنيا. قال الله تعالـى: ( و تحبون المال حباً جماً) .
وقد استخدم هذا النوع من التحفيز في القرآن الكريم
قال الله تعالى: ( فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً )
وقال الله تعالى: ( وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعحل لكم هذه و كفّ أيدي الناس عنكم) .
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه». رواه البخاري [1].
فالدين الإسلامي يدعو المسلم إلى الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة التوحيد وابتغاء مرضاة الله تعالى والجنة ابتداءً، ولا مانع أن يكون الأمل والرغبة في المغنم أحد الحوافز التي تحث المؤمن على قتال المشركين، وإلحاق الهزيمة بهم.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم «من أحيا أرضاً ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق»([ب]). ففي هذا الحديث حث وترغيب في زراعة الأرض واستعمالها.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم المال ليثبت الناس على الإسلام، وهم المؤلفة قلوبهم، كما فعل في غزوة حنين([ج]).
حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغِّبهم ويحثهم بالمال على التمسك بالإسلام، كما أن الزكاة تدفع لهم أيضاً للغرض نفسه.
ويمكن أن يؤخذ من هذا أن للعطاء المادي أثراً في التحفيز والترغيب في العمل، وجعل النفس تُقبل عليه بهمة ونشاط أكبر.
انظر إلى هذا الأثر فيما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنماً بين جبلين فأعطاه إياه فأتى قومه فقال: أي قوم اسلموا، فوالله إن محمداً ليعطي عطاءً ما يخاف الفقر، فقال أنس: ((إن كان الرجل ليُسْلِم ما يريد إلا الدنيا فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها…)) ([د]).
إن مراعاة المربي لهذا النوع من الحوافز وتقديمه لأبنائه وتلاميذه على شكل مكافآت أو هدايا عينية أو نحوها دفع لهم نحو العمل الدؤوب المثمر ، خصوصاً في ظل حاجة ماسة إلى المال لمواجهة متطلبات هذا العصر الذي يؤثر فيه الجانب المادي كثيراً.
([ أ ]) البخاري، صحيح البخاري مع الفتح، كتاب (( المغازي ))، باب ((قول الله تعالـى âو يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكمá )) (7/630).
([ب]) الترمذي، سنن الترمذي، كتاب ((الأحكام)) باب ((ما ذكر من إحياء الموات))(3/662)، وأبو داود، سنن أبي داود، كتاب ((الخراج والإمارة والفيء))، باب ((في إحياء الموات)) (3/453)، وصححه الألباني كما في صحيح الجامع (2/1036).
([ج]) البخاري، صحيح البخاري مع الفتح، كتاب ((المغازي))، باب ((غزوة الطائف في شوال)) (7/644).
([د]) مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب ((الفضائل)) باب ((سخاؤه e)) (15/72).