جاء عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال : كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم .
قال: وكنت غلاماً شاباً عزباً ، وكنت أنام في المسجد عل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر ، وإذا لها قرنان كقرني – وهما الخشبتان اللتان عليهما الخطاف ، وهو الحديدة التي في جانب البكرة-، وإذا فيهما ناس قد عرفتهم ، فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار ، أعوذ بالله من النار ، أعوذ بالله من النار ، قال فلقيهما مَلَكٌ فقال لي : لم ترع. أي لا روع عليك ولا خوف.
فقصصتها على حفصة ، فقصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((نعم الرجل عبدالله ! لو كان يصلي من الليل)) قال سالم : فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا .
نجد في هذا الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم ابتدأ بالثناء، ثم بيان ما يجب أن يقوم به، فراعى نفسية الصحابي عبدالله بن عمر ، فاستخدم معه أسلوب المدح . وهذا الأسلوب جيد في التأثير على النفس، وتحريك الشعور نحو العمل الناجح، وإحياء الدافعية والإقبال المثابر على الوصول إلى الهدف المنشود .
فالنفس مجبولة على حب المدح والإطراء ، ومطبوعة فيها حب الثناء العطر، فإذا تم المدح بأسلوب صحيح وفي وقته المناسب دون مبالغة ولا مجاملة ؛ وبصدق دون تدليل زائد؛ فإنه يبعث في النفس النشاط والحيوية، ويدفعها إلى الإزدياد في الخيرات والطاعات .
وهذا ما فعله المربي العظيم والمعلم الأول صلى الله عليه وسلم ، حيث عرض هذا الأسلوب الجميل بجملة مختصرة، دون مبالغة ولا إطراء ، فقال : (( نعم الرجل عبدالله )) ثم بين صلى الله عليه وسلم الهدف من مدحه بأسلوب التعريض (( لو كان يصلي من الليل )) ، فمزج بين المدح وبيان الهدف منه، فكانت ثمرة هذا الأسلوب أن أثّر في نفسية ابن عمر رضي الله عنه ، كما وضحه سالم بقوله : فكان عبدالله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا .
اسم الكاتب: د. أبو الحسن الفطاني علي مهاما (تايلند)