لقد حقق نهج الإسلام السبق في كل شيء، وأوجد عوامل النجاح في كل شأن، ومن ذلك عوامل اكتساب محبة الآخرين، ومنهم القريب والصديق والزميل. ولم يبق إلا تربية النفس وتعويدها ومجاهدتها على الممارسة العملية لتلك العوامل، مع حجب جميع الموانع لتفعيل ذلك.
فقد قال صلى الله عليه وسلم (ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه) رواه الحاكم
فهذه العوامل الثلاث أساس اكتساب ود الآخرين ومحبتهم، مما يعزز الأهمية التربوية لتنشئة النفس على أداء تلك العوامل لتوطيد العلاقة الحميمة مع الآخرين. غير أن أشد الموانع لذلك: الكبر والجهل المؤدي إلى غمط الناس حقوقهم، حيث أن البعض يرى في إعطاء تلك الحقوق للآخرين منقصة له ورفعة للآخر، وهذا ما يدفع المرء إلى عدم تكريم الآخرين، مما يجلب البغضاء والفرقة.
أولا: مبادرته بالسلام والتحية: وهي مفتاح التواد والألفة، كما قال صلى الله عليه وسلم (لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم )
ثانيا: توسع له في المجلس: فيكون له الأثر الأكبر خاصة إذا ضاق المجلس. فكم لهذا الصنيع من الأثر النفسي العميق الذي يغرس قدرا من المحبة لمن وسع له في المجلس ليجلس، مع ما في الفعل هذا من التكريم والتبجيل، وفي نفس الوقت لم ينقص من قدر الفاعل شيء، بل أحب الله تعالى فعله، وتمثل بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وارتفع في عيون الآخرين، وقدم لهم بفعله النموذج والقدوة الصالحة في احترام الآخرين.
ثالثا: أن تدعوا الشخص بأحب أسمائه إليه، وليس بأحب أسمائه للمنادي، فالمعيار هو محبته هو. لأن المنادي قد يستهوي الأدنى على الأعلى من الأسماء.
وفي هذا النهج تربية لأفراد الأمة أن تنادي بعضها بعضا بأحب الأسماء، وخاصة ما تميز به الإنسان عن غيره.
فبهذه الركائز الثلاث يستحوذ المرء على وداد ومحبة الآخرين.
فلقد عَلَّمَ المصطفى صلى الله عليه وسلم أتباعه منهج التواد والتآخي، ولم يبق إلا أن يربي الإنسان نفسه على ذلك المنهج الإسلامي القويم العظيم، الذي تفضل به الله تعالى علينا أجمعين.