من خصائص النظام الخلقي في الإسلام ” انه يقنع العقل و يشبع العاطفة و يرضي القلب والوجدان , فما من خُلُقٍ حث عليه الإسلام أو حذر منه يتعارض مع العقل المستنير, أو يجافي القلب السليم ، والقرآن الكريم و السنة المطهرة غنيان بالشواهد الحاثة على الالتزام بالأخلاق الحسنة و اجتناب الرذائل الخلقية و السلوك المذموم، مع تحقيقها للإقناع العقلي و العاطفي , مما يؤدي إلى التـزام الفرد بالسلوك المرغوب عن قناعة و دون إكراه.وهذا المثال خير شاهد على طبيعة هذه الميزة : فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال :أن فتى من قريش أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله ائذن لي في الزنا؟ فاقبل القوم فزجروه قالوا : مه مه !!
فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :(أدنه) فدنا منه قريبا
قال :أتحبه لامك؟
قال :لا والله جعلني الله فداك
قال:ولا الناس يحبونه لأمهاتهم
قال :أفتحبه لابنتك؟
قال:لا و الله يا رسول الله جعلني الله فداك
قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم
قال : أفتحبه لأختك؟
قال :لا والله جعلني فداك
قال :ولا الناس يحبونه لأخواتهم
فقال: أفتحبه لعمتك؟
قال: لا والله جعلني فداك
قال:ولا الناس يحبونه لعماتهم
قال: أفتحبه لخالتك؟
قال :لا والله جعلني فداك
قال:ولا الناس يحبونه لخالاتهم
قال :فوضع يده عليه و قال:اللهم اغفر ذنبه, و طهر قلبه , و حصن فرجه .فلم يكن بعد ذالك
الفتى يلتفت إلى شيء) .
فهذه القصة العظيمة قد دلت على أن النظام الخلقي مبني على إقناع العقل والعاطفة، فجريمة الزنا فاحشة ورذيلة لا يقبلها العقل وتنفر منها الفطر والقلوب السليمة .
وهذه القصة العظيمة يجد فيها المربون الكثير من التوجيهات التربوية في حل المشكلات التربوية فاهتمام الأخلاق الإسلامية بلفت حس الإنسان إلى التدبر والنظر, وإدراك العقل والمنطق في حكم هذه الأخلاق, يوصله غالبا إلى الاقتناع , ويجعله يطمئن إلى حكم الخلق , ويحدد موقفه منه من حيث فعله أو تركه، وبذلك يزيد إيمانه ويستقيم خلقه .
اسم الكاتب: أ. محمد البوعلي (تونس)