عن يعقوب بن عتبة أن أبا جهل اعترض لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفا؛ فآذاه. وكان حمزة رضي الله عنه صاحب قنص وصيد، وكان يومئذ في قنصه…
يبين هذا المقطع من الرواية وجهاً وصورة من صور الحياة الاجتماعية التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي في مكة، من القنص والصيد.
ثم يقول عقبة بن عتبة في روايته عن إسلام حمزة رضي الله عنه …فلما رجع قالت له امرأته؛ وكانت قد رأت ما صنع أبوجهل برسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا عمارة ! لو رأيت ما صنع ـ تعني أبا جهل ـ بابن أخيك. فغضب حمزة ومضى كما هو قبل أن يدخل بيته، وهو معلق قوسه في عنقه، حتى دخل المسجد…
ويفيد هذا المشهد من الرواية ما كان يجده رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذى قومه، وكذا قدر محبة حمزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث غضب لما عرف من أمر ابن أخيه، فتوجه إلى المسجد قبل أن يدخل بيته، مما يفيد أهمية ترتيب الأولويات، وتقديمها على الراحة والاستجمام.
ثم يبين يعقوب بن عتبه ما دار في المسجد، فيقول: …فوجد أبا جهل في مجلس من مجالس قريش، فلم يكلمه حتى علا رأسه بقوسه، فشجه، فقام رجال من قريش إلى حمزة يمسكونه عنه، فقال حمزة: ديني دين محمد، أشهد أنه رسول الله، فوالله لا أثني عن ذلك، فامنعوني من ذلك إن كنتم صادقين.
فلما أسلم حمزة عزَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وثبت لهم بعض أمرهم، وهابت قريش، وعلموا أن حمزة رضي الله عنه سيمنعه.
ويفيد هذا أهمية إسلام حمزة رضي الله عنه وما كان يشكله من قوة ونصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللدعوة الإسلامية. مما يبين أهمية استقطاب القوى المؤثرة في المجتمع، لتكون مكاسب للدعوة والداعية؛ وعدم التغافل عنها. كما تفيد هذه الحادثة وتبين أن الهداية بيد الله تعالى، حيث هدى الله تبارك وتعالى حمزة بهذا السبب. ومن الفوائد كذلك: أهمية الصبر في المجال الدعوي، وأن العقبات لا تكون معوقاً أمام الداعية، كما فعل رسول الله صلى اله عليه وسلم إذ لم يجعل مما يواجهه من صعوبات وعقبات أعذاراً للتوقف عن نشاطه. بل كان صابراً ناشطاً.
وكذلك من الفوائد: قوة حمزة رضي الله عنه ومكانته في قومه، إذ يواجههم بِتَحَدٍّ واضح لهم، حيث يقول لهم: فوالله لا أثني عن ذلك، فامنعوني من ذلك إن كنتم صادقين.
وفي هذا الصنيع من حمزة رضي الله عنه كسر لجبروت أبي جهل المتسلط في أهل مكة. وبيان للجميع عن بداية تحول بعض الأقوياء من قريش إلى صفوف المستضعفين من المسلمين، الذين استضعفوا بقوة أقوياء الشرك، فصبروا على ذلك.