من مقومات شخصية المربي الناجحة حسن اختيار الأساليب التربوية والتفنن في تنويعها بما يتناسب مع رغبات المتربي وحاجاته النفسية .
ويُعد أسلوب إيجاد البديل الصالح من الأساليب النبوية المهمة في العملية التربوية؛ إذ هو أسلوب واقعي عملي مقنع. فالمربي حينما يطلب من المتربي أن يكف عن ارتكاب المنهيات والعادات السيئة فإنه من الضروري مع هذا التوجيه أن يقوم بإيجاد البديل الصالح الذي يحل محل الفاسد؛ ويقضي عليه، كما أن هذا الأسلوب يلبي حاجة المتربي النفسية ويسد رغباته؛ بما يولّد في نفسه القناعة التامة عن ارتكاب الفساد والمنهيات .
وهذا الأسلوب المهم استخدمه المربي الأول صلى الله عليه وسلم في توجيهاته التربوية .
ففي صحيح البخاري برقم (4779) عن عبْد الله بن مسعود قال : كُنّا مَعَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم شَبابا لا نجِدُ شَيْئا . فقال لَنا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( يا مَعْشَرَ الشَّبابِ، مَنِ اسْتَطاعَ الباءَةَ فلْيَتَزَوَّجْ؛ فإِنّهُ أغضُّ لِلْبَصَرِ وأحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَنْ لمْ يَسْتَطِعْ فعَلَيْهِ بالصَّوْمِ؛ فإِنّهُ لَهُ وِجاء)).
ففي هذا الحديث النبوي العظيم نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخدم أسلوب البديل الصالح ؛ فقد أرشد شباب الصحابة إلى الزواج الذي هو علاج للدافع الجنسي الفطري لدى الإنسان، وعلل هذا العلاج بقوله (( فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج))، ثم أوجد صلى الله عليه وسلم البديل الصالح إذا لم يستطع الشاب الزواج ومؤونته؛ بقوله (( فمن لم يستطع فعليه بالصوم ))، ووضح علة ذلك بقوله (( فإنه له وجاء )) . وذلك أن الصوم يكسر حدة الغريزة الجنسية، ويخمد شهوة النفس الفطرية؛ وهو البديل المناسب المؤقت إلى حين يجد الشاب الظرف المناسب لإشباع الغريزة الجنسية عن طريق البديل التام بالزواج الشرعي.
وتتأكد مكانة وأهمية هذا الأسلوب في عصرنا الحاضر الذي يموج بالفتن والشهوات والملذات والملهيات؛ حتى غدا غالبية الشباب متلبسين بها – إلا من رحمهم الله – ، الأمر الذي يؤكد ضرورة العناية والتفكير والبحث عن الأساليب الجادة التي تقضي على عوامل الفساد وأسبابه وإحلال البدائل الصالحة الناجعة مكانها .