يتباين الناس ويختلفون في معالجة قضاياهم من حيث اختيار الوسيلة وتحديد الأهداف ومعرفتها بدقة، وينعكس ذلك أثراً في كل أمر من أمور الحياة، والتي منها العلاقة الزوجية.
فالهدف من الزواج تحصين النفس من الحرام، وتكثير سواد الأمة بالنسل المبارك الذي تحفه الرعاية التربوية من الأبوين، قال صلى الله عليه وسلم (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).
كما أن من ثمرات الزواج وأهدافه أن جعله الله تعالى سكناً ومودة ورحمة، كما قال تبارك وتعالى( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) ولكن كيف يحقق الزوج والزوجة أسباب السكون والمودة والرحمة ؟
إن من أهم أسباب تحقيق السكون والمودة والرحمة أن يعرف كل واحد منهم حقوق وواجبات الآخر فيؤديها كما بينها نهج الإسلام وهديه، وأما تجاهلها أو تجاهل بعض منها فيؤدي إلى عدم الاستقرار، حيث يتبدل السكون نفوراً.
ومن أهم الأسباب كذلك أن يعرف كلا الزوجين أن الحياة الزوجية محفوفة بالأخطاء والتقصير، وعدم التكامل في كل شيء، وأن الصبر والمعالجة والتدرج في ذلك من أهم أسباب النجاح:
ولكن هنالك من يبحث عن أقرب الطرق للمعالجة من خلال الطلاق المؤدي إلى الفراق، دون نظر إلى تبعات ذلك. فيما يلحق الزوجة من الضرر الكبير والعميق، وكذلك ما يلحق الأبناء من دواعي الإهمال والانفلات.
ومن رحمة الله تعالى أن جعل الطلاق مرتين للتراجع، والثالثة قطيعة ومؤكدة عدم القدرة على التعايش.
فالطلقة الأولى فيها تمكين للمراجعة ومحاسبة النفس والشعور بقيمة الحياة الزوجية عند الفرقة والاعتزال. وأيهما أفضل لكل منهما، والثانية مؤكدة للاختيار الأول وموضحة لمشاعر الفراق، ولكن هل تأملنا في أمرين:
الأول: تبعات الطلاق التربوية والنفسية والاجتماعية وغيرها من الأذى.
الثاني: أين قيمة الصبر والكرم والجود وتحمل المصاعب وطلب الثواب والأجر، وقيمة ذلك وثوابه عند الله تعالى .
ثم أين الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، والذي به يحصل المرء على مراده من ربه تبارك وتعالى.
وإن من منهج الإسلام في تربيته الخلقية لأتباعه أن علمهم أخلاق الطلاق، بأن يكون في طهر، وأن يكون التسريح بإحسان، لا بتعذيب وإهانة، وهذا يتطلب كرماً في النفس، وقدراً من التحمل في صبر، قال تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)
وفي حالة الإمساك، فيجب أن يكون بمعروف لا بتكبر وتعالي وإهانة.
ويا سعد من صبر على عشيرته، وصبرت على عشيرها ، ما لم يكن ذلك الصبر فيه معصية لله تعالى.