(وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم، وإن ربك لشديد العقاب)
تستثير هذه الآية الكريمة لب القارئ وهو يقرأ عظيم حلم الله تبارك وتعالى وجزيل كرمه وعطائه، وسعة مغفرته وامتنانه.
فبالرغم من أن العبد يحصل منه الظلم والبطر، ويفسد ويفسق، إلا أنه في المقابل يمهله الله تبارك وتعالى ويحلم عليه الحليم الرحمن، ولا يستعجل له في العقوبة، وهذا من عظيم وسعة حلمه تبارك وتعالى.
ثم يظهر جزيل كرمه وعطائه في مقابلة ظلم العبد وفسوقه وإسرافه بالمغفرة والصفح لمن استقام وتاب، وربما بدل تلك المعاصي إلى حسنات كما قال تعالى (إلا من تاب وآمن عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات، وكان الله غفورا رحيما، ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا)
ويظهر من الآية العظيمة سعة مغفرة الله عز وجل، وأنها تعم الذنوب جميعا : صغيرها وكبيرها، كما قال تعالى (لذو مغفرة للناس).
ويظهر في هذه الآية الكريمة بعض صفات الله العليا وأسمائه الحسنى، فهو الرب وهو الغفور، وهو الغفار وهو الشديد.
وفي مقابل هذه الرحمة فإن الله شديد العقاب لمن لم يتعظ ولم يتب وتمادى في معصية الله تعالى.
فلله الحمد والمنة على عظيم عفوه وكريم عطائه ، ورحمته بعباده، فما أعظمك وأكملك يا رب العالمين، وكم نقابل هذا الكرم الرباني بالتمادي في المعاصي.
أليس جدير بنا أن نحب ربنا تبارك وتعالى الذي يشفق علينا هذه الشفقة العظيمة، ونجتهد في طاعته، والبعد عن معصيته، فكيف يسوق لنا أن يقابلنا ربنا بالإحسان ونقابله بالمعاصي، اللهم ارزقنا الحياء منك، والعمل بطاعتك، فاللهم لا رب لنا سواك، فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وبدل سيئاتنا حسنات بمنك وفضلك يا كريم يا حليم يا حنان يا منان.