الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
تعتبر بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم نبأ وحدث عظيم، تساءلت فيه قريش عما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم، المشتمل على البعث والنشور وغيره مما تضمنه القرآن الكريم. قال تعالى (عم يتساءلون عن النبإ العظيم)
وكانت هجرته صلى الله عليه وسلم حدث عالمي عظيم في تاريخ الدنيا على مجال الدعوة، وفيما أصاب كفار أهل مكة من الذهول والخوف من تبعات الهجرة ومما أصابهم من فتح عظيم بعد حين من الزمن، فنتج عنه فتح مكة المكرمة (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا)
وكذا المدينة بما أصاب أهلها من خير عظيم في ذواتهم وفي مدينتهم التي أصبحت مأرز الإيمان كما جاء في الحديث، وفي مكانتهم وأخلاقهم ووحدتهم وعلو شأنهم، فضلاً عن ذكرهم والثناء عليهم من ربهم تبارك وتعالى في القرآن الكريم، وما أعده الله جَلَّ جلاله من رضوان وجنات النعيم.
وكذا ما أصاب العالم عبر التاريخ من خيرات هذه الدعوة العظيمة فأنقذ الله تعالى من شاء من النار لدخولهم في الإسلام.
وقد تنبه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لهذا الحدث العظيم فجعله تاريخاً للأمة الإسلامية ، يؤرخون ويتذكرون به فجر الهجرة ونورها الذي أنار الله تعالى به الدنيا بأسرها.
وقد بين الله تعالى عظيم هذه الهجرة بالثناء على المهاجرين الذين تركوا أموالهم وربوع ديارهم ومآثرهم ، فقال تبارك وتعالى (فالذين هاجروا وأُخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب) وقال تعالى في وصفهم (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون)
فمن هذا الحدث العظيم الذي شَرُفَت به الأمة الإسلامية وأرخ به الخليفة الزاهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ما يؤكد أهمية وأمانة تمسك الأمة بهذا التاريخ المجيد، وأن تحافظ عليه وتجعله تاريخها الرسمي في كل شؤونها، لتحفظ لنفسها عزتها وخصوصيتها وشعارها الذي سينعكس على الناشئة من أبنائها، ويحفظ لشبابها قوة التاريخ الذي يحمل لهم المعاني العظيمة.
واعتماد التاريخ الهجري له مغزاه التربوي، إذ تستشعر به الأمة حدث المعاناة التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم وكذا صحابته الكرام حتى تعرف أن العمل والإنجاز والنجاح قد تسبقه معاناة وشدة عظيمة، ولتستشعر الأمة في نفسها ما تعتز به من خصائصها. إذ أن الأمم المختلفة تعتز بآثارها من المباني وما سُبك من النقود وغيرها بل تبذل جهداً في الحفر والتنقيب عنها، فكيف بمن كانت حضارتهم في الرقي الفكري والعلم ومعرفة العبودية الصحيحة والأخلاق العظيمة والتشريع الذي أعطى كل شيء حقه في النظام الاجتماعي والأسري والمهني وغيره من تفاصيل شرعنا العظيم.
فهل نعي دلالات تاريخ هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.