يعتبر حق الوالدين أعظم الحقوق في الإسلام بعد حق الله تعالى, وهما أكثر الناس إحسانا إلى المرء وأكثرهم فضلا عليه, ولذلك حثت التربية الإسلامية على برّهما, وقرن الله تعالى ذكرهما بذكره في القرآن الكريم في أكثر من موضع لامتيازهما عن سائر الخلائق, حيث كانا سببا لوجود الإنسان في الدنيا, وقاما بتربيته وتأديبه بكل ما في وسعهما؛ قال الله تعالى: ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما )
وللصحابة رضوان الله عليهم مواقف عديدة تبرز لنا شدّة عنايتهم وبرّهم لوالديهم, وتطبيقهم العملي لما تعلموه من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم .
وتتضح تلك التطبيقات العملية من خلال المواقف الآتية:
أ. روى مسلم عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة فسلم عليه عبد الله وحمله على حمار كان يركبه, وأعطاه عمامة كانت على رأسه, فقال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله إنهم الأعراب, وإنهم يرضون باليسير, فقال ابن عمر: إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب, وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أبرّ البر صلة الولد أهل ود أبيه بعد أن يُولي)
ب . رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلا قد حمل أمه على رقبته وهو يطوف بها حول الكعبة فقال يا ابن عمر, أتراني جازيتها؟ قال: ولا بطلقة واحدة من طلقاتها ولكن قد أحسنت والله يثيب على القليل الكثير.
فهذه المواقف وأمثالها في حياة الصحابة رضي الله عنهم تبيّن لنا مدى حرصهم على تطبيق أوامر قدوة هذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم في حياتهم العملية عامة, وفي بر الوالدين خاصة؛ ففعل ابن عمر رضي الله عنهما دليل على ذلك, حيث إن برّه لوالده أدّى إلى أن يواسي ويبر كل من له علاقة بعيدة أو قريبة بوالده عمر بن الخطاب رضي الله عنه………وللموضوع بقية