أيها التلميذ المحبّ كم أشتاق إلى صراخك.حين تكسر جدار الصمت..أستاذ!…..أستاذ!….
كم أهفو إلى مداخلاتك، حين تقف معترضا… لا يا أستاذ…..لا يا أستاذ….. تستفزني سؤالاتك..مرة تلِْو المرة….لماذا يا أستاذ؟ ………. لماذا يا أستاذ؟
ينتابني فضولك………….لكن يا أستاذ……..!
أيها التلميذ المحب أتدري لمَ كل ذلك؟
صراخك يذكرني بتقصيري في حقك، وعدم الاهتمام بتفاعلك، ……..
كنت تصرخ لأن معك جوابا لتساؤلاتي، ………………………
كنت تصرخ لأنك ترى أن لك حقا في أن أستمع لقولك، ….
كنت ترى فِيَّ أنانية مفرطة لأني أتكلم وحدي….. أسوق المعرفة بنفسي، والباقي ليس له حق إلا الاستماع، …….. نسيت أن المربين قالوا:
” إذا سكت الأستاذ وتكلم التلميذ فقد نجح الدرس”
مداخلاتك أيها المحبّ كشفت لي بعد فوات الأوان -وليته ما فات -أنني قصّرت في تحضيري للمعرفة…….كنت أظنّك حبيس معارفي ومعلوماتي،….كنت أظنك لا تطالع الكتب، كنت أحسبك لا تتصدى للمعرفة بمفردك……..لكن بعد ما فات الأوان عدت إلى نفسي، فوجدت مداخلاتك من صميم الموقف التعليمي، لكنّي أهملتها كما أهملتك في لحظة من تَصَنُّعِ الحزم في غير موضعه……. نسيت أن الحكماء قالوا:
” تجد في النهر ما لا تجد في البحر“..
سؤالاتك -رغم امتعاضي من تكررها منك- ألهمتني حقيقة نفسي ،…… ألهمتني ضعف معارفي ونقص معلوماتي، دفعتني للتعلم من جديد، للتواضع للعلم وأهله، وذكرتني بالمثل السائر:
” من قال لا أدري علّمه الله مالا يدري”
أيها التلميذ المحبّ ، فضولك صحّح لي معلومة مغلوطة عنك، فضولك لم تُرِد به نكتة يتفكه بها الطلاب، ليس مراوغة للابتعاد عن الموقف التعليمي، فضولك هو فضول العلماء من قبلك، فضول ينتظر منارة يهتدي بها في ليالي الجهل المدلجة…. فضول نيوتن عند سقوط التفاحة….
أيها التلميذ المحب عذرا على إسكاتك……عذرا على تجاهلك…..عذرا على استصغارك…… فاصرخ ……وارفع صوتك…. أسمع جوابك….أوصل سؤالك….ألحّ في مداخلاتك……اجعل القاعة شاهدة على حبك المعرفة….. وحينها يأتيك من هاتيك الأجواء صوتٌ نَدِيٌّ يقول لك: سيكون غدك أمتع وأفقك أوسع ومعارفك أرفع…..بلّغك الله المنى. ولا أراك حزنا .
التوقيع:
أستاذك المحب لك المقصر في حقك.