بسم الله الرحمن الرحيم:
كيف أربي نفسي تربية نبوية، وكيف أتعلم اللجوء إلى الله وقت الشدائد:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
إن الاقتداء بالنبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في كل شؤون الحياة فريضة شرعية، وواجب ديني، لا ينبغي للمؤمن الحيد عنه ولو قيد أنملة “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” والمنهج النبوي في التربية منهج قرآني، تقول عائشة كما في صحيح مسلم: “كان خلقه القرآن”، ولا انفكاك بين المنهج النبوي في التربية وبين المنهج الإسلامي أو القرآني بحال من الأحوال، كما كان من بين أهداف بعثته تزكية النفوس وتطهيرها من أدران الجاهلية “هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين”
ويشمل المنهج النبوي في التربية امتثال أقواله صلى الله عليه وسلم الأمرية في القضايا التربوية، والانتهاء عن المناهي النبوية في القضايا التربوية، كما يشمل الاقتداء بأفعاله وأخلاقه وتعامله ومنهج حياته صلى الله عليه وسلم، ويشمل أيضا السنة التقريرية والتي كان الصحابة يمارسونها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، والسيرة النبوية مشكاة من النبوة في المنهج التربوي الإسلامي، ذلك أن السيرة معايشة فعلية من النبي صلى الله عليه وسلم لتحقيق رسالة الإسلام.
وحمل النفس على الاقتداء به في الآداب والأخلاق النبوية، ورعاية منهجه في التعاملات الإنسانية، سوءا في أسرته وفي جيرانه وفي المجتمع المحيط بالإنسان لمن علامات إرادة الله السعادة بالإنسان،
أما كيف تربي نفسك تربية نبوية،
أولا: اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى أن يهديك إلى التربية النبوية ومنهجه المستقيم، لأن ذلك لا يكون للعبد إلا من توفيق الله له، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أدبني ربي فأحسن تأديبي”، وفي السنن أنه كان من دعائه صلى الله عليه وسلم” “اللهم اهدني لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها فإنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت”.
ثانيا: الممارسة والمحاكاة والاقتداء بالتربية النبوية، فإن الممارسات العملية من أقوى أسباب اكتساب المهارات المختلفة، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم في مسلم وغيره، أن من يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله” في إشارة إلى أهمية الممارسة في إكساب الفضائل التربوية.
ثالثا: العلم الصحيح بمنهجه التربوي، فالعلم الصحيح بالمنهج النبوي في التربية أحد أهم الحوافز المشجعة لامتثاله، والاقتداء به، لأنه ما عرفت البشرية أحدا أفضل وأكمل وأحسن تربية منه، فإذا عرفت النفس كمالها وصلاحها كان ذلك بتوفيق الله تعالى، وهوأحد عوامل الاقتداء به، والعلم الصحيح يورث العمل “وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم”
رابعا: معرفة نقص المناهج التربوية الحديثية، فالاطلاع على قصورها وعدم مناسبتها للحياة العامة يجعل المسلم يعتز بدينه وبشمول منهج تربية نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه “سينقض الإسلام عروة عروة إذا ولد في الإسلام من لا يعرف الجاهلية”.
خامسا: قراءة السيرة النبوية وحياة الصحابة وتاريخ الإسلام وتراجم الأفاضل من علماء الإسلام فإن فيه التطبيق العملي للتربية النبوية، والنفس تتوق إلى تطبيقات سابقة، ورموز قدوة يتأسى بهم في مختلف المجالات التربوية والله أعلم
سادساً: أن يتذكر المرء أن هذه الدنيا دار فناء وزوال بجميع بهجتها وزينتها، ولا يبقى للإنسان من العمل النافع إلا ما كان عليه سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
سابعاً: العلم بأن تربية النفس تحتاج صبر وتدرج شيئا فشيئا.
أما اللجوء إلى الله في جميع الأوقات فهو دأب الصالحين، ومنهج المتقين، وتربية من سيد المرسلين، فما من شدّة إلا وقد التجأ فيها إلى ربه سبحانه وتعالى، فأنظر مثلا يوم عودته من الطائف ودعائه الشهيرة، ويوم بدر وحسن لجوءه لرب العالمين وهكذا في كل حياته.
وليس الشأن في اللجوء إلى الله في الشدائد، وإنما الشأن كل الشأن أن تلتجأ إلى الله في وقت الرخاء ليسهل عليك أمرك في وقت الشدة، ولقد علّم النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه ابن عباس بقوله: “يا غلام إني أعلمك كلمات، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، تعرف إلى الله تجده تجاهك”
والملحظ التربوي المهم هنا أن تعرف ضعف الخلائق أجمعين في تحقيق مآربك ومقاصدك، وأن تعرف أن الله عني كريم يستحيي أن يرد عبدا رفع إليه يديه صفرا، وأن خزائنه ملآى لو اجتمع من في الأرض جميعا من أحياء وأموات وسألوه مسألتهم فأعطاهم جميعا ما نقص ذلك من ملكه إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر، كما في حديث أبي ذر في صحيح مسلم.