تأملات تربوية في قوله تعالى
قال تعالى عن قصة موسى عليه السلام مع الخضر (فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما)
القصة القرآنية موجه نفسي، في التربية الإسلامية إلى عقيدة التوحيد، وإقناع المخالفين عن طريق الجدال والحوار الذي يبين سمو هذه العقيدة ونيل أهدافها.
وجاء القرآن الكريم بقصص تربوية، غاية في الأهمية، في علاقات الإنسان المرتكزة على الأخلاق. مع جمال الأسلوب وبلاغة المعنى. كما نص القرآن الكريم على أهمية القصة، ودورها في غرس القيم الخُلُقِية، وذلك في مثل قوله تعالى: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا غليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) يوسف: آية (3).
والقصص القرآني يتضمن أمثال مضروبة لترسيخ أخلاق الإسلام الخالدة، وبالتالي تضمنت ضرب الأمثال ما يحقق المقاصد التربوية.
وتعد قصة موسى مع الخضر عليهما السلام، أصل يرجع إليه أهل التربية والتعليم في استمداد بعض المبادئ التربوية التي يحتاجها القطاع التعليمي؛ لكونها تحوي المؤشرات التربوية التي ينبغي أن تكون المنطلق التربوي للمعلم في مدرسته ومع طلابه.
والمتأمِّل للآية الكريمة، يتبادر إليه معالم تربوية، تقطع دونها أعناق الإبل، حيث احتوت الآية الكريمة على أصول مباركة متى تمسَّك بها المعلم والمربِّي أينعت العملية التعليمية بمخرجات تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
وتوضيح ذلك: أن الآية الكريمة أشارت إلى ركنين ينبغي أن يكونا من أهم سمات المعلم، وهما: الرحمة والعلم . حيث نبَّهت الآية الكريمة أنَّ الخضِرعليه السلام حصل على هذه المنزلة العلمية، حتى رحل إليه كليم الرحمن عليه السلام إلاَّ لمَّا تمكَّنت منه شروط الُمعلِّم الناجح، من كون الله عزَّ في علاه قد حبَاه بالرحمة، ومتَّعه بالعلم الكافي، الذي جعله مرشَّحا من ربِّ العالمين؛ لكي يتولَّى تعليم الكليم عليه السلام.
وبناء عليه فإن اتصاف المعلِّم بالعلم والرحمة والعطف على المتعلِّم، هو الذي يمكنه بتوفيق الله تعالى من التأثير الفاعل في أخلاق وسلوك وعلم المتعلم. وفي فقد أحدهما ما يمنع تحقيق الهدف التعليمي والتربوي,
كما أن تمكُّن المعلِّم من المادة العلمية التي يُلقِيها على مسامع الطلاب، دون رحمة بالعنصر الطلابي، لا تفيد الطلاَّب إلا النفُور من المدرسة، وبالتَّالي تعلو نسبة التسرُّب المدرسي، وهي أوَّل خطوات الانحراف؛ وبالتَّالي يخسر المجتمع بذلك فَلَذات كبِده، التي ينبغي أن تكون لَبِنات بناء، وإذا هي معاول هدم.