لا تقتصر أهمية الأسلوب على مجال التربية والتعليم فحسب بل تمتد إلى أن تشمل كل مجالات النشاطات البشرية إذ أن كل إنسان يستخدم أساليب متنوعة, سواء كان شعوريا أم لاشعوريا. وذلك في حياته الأسرية والاجتماعية كأساليب كلامه وتعامله مع الأهل والأولادهل هي جيدة مناسبة مع الموقف, أم هي عكس ذلك. كذلك في حياته المهنية والوظيفية والتجاريةأوفي نشاطاته المختلفة من الجلوس والقيام والمشي والحركة ونحو ذلك. لأن لكل نشاط وعملية إنسانية أسلوبها الخاص يؤثر فيها إيجابا وسلبا.
وصحيح كذلك أن الأسلوب يصنع الإنسان إيجابا أو سلبا فيجعله ناجحا أو فاشلا أمام موقف ما في حياته, فبقدر ما يهتم بالأساليب الفعالة والمتوافقة مع الظروف والأحوال بقدر ما يكون نجاحه مرضيا في حياته, والعكس صحيح تماما. يقال: هذا خطيب ممتاز. لأن أسلوب خطابته يؤثر في قلوب الناس. وهذا التاجر أكثر ربحا في السوق لأن أسلوب تعامله مع الزبائن يؤثر فيهم ويجذبهم إلى محله. فأسلوب الرجل هو الرجل نفسه على حدّ تعبير بكّار.
أما أهمية الأسلوب في الحياة التربوية والتعليمية فهي أكثر منها في الحياة الإنسانية العامة. ذلك أن أهداف الأساليب لعملية التربية والتعليم تختلف عن أهداف أساليب الناس المستخدمة في حياتهم اليومية. كما أن أهداف العملية التربوية والتعليمية في حد ذاتها تختلف تماما عن أهداف أعمال ونشاطات الناس في حياتهم المهنية والوظيفية ونحو ذلك؛ فأهدافها سامية محددة ومنظمة. وإذا كانت العملية التربوية والتعليمية تحتاج لتحقيق أهدافها إلى وسائل مادية ومعنوية فهي كذلك بحاجة ماسة إلى أساليب فعالة تساعدها على تحقيق أهدافها. ذلك أن الأهداف والمقاصد مهما كانت جيدة وطموحة ولها جاذبية, فإذا ضاعت الأساليب المؤدية إليها, لا يمكن تحقيق أي شيء من تلك الأهداف والمقاصد
وواضح أن المربي أو المعلم لا يؤثر في طلابه عن طريق الوسائل المختلفة فحسب وإنما بالإضافة إلى ذلك يؤثر فيهم بواسطة أساليبه المتنوعة.
وعلى كل حال الحاصل: أنه كما لا جمال في الحياة بدون أسلوب فعال فكذلك لا كمال في الحياة التربوية والتعليمية بدون أسلوب فعال ومناسب.
واستخدام الأساليب في العملية التربوية والتعليمية يتم على أساس العوامل المؤثرة في الموقف التربوي والتعليمي مثل الفروق الفردية ونوعية المادة الدراسية أو التربوية، والأهداف التربوية والتعليمية والمرحلة التي يمر الطلاب بها من أعمارهم وظروف وأحوال البيئة التربوية والتعليمية وغير ذلك منها. ولذلك فإن واحدة من عوامل الإخفاق والفشل لكثير من المربيين والمعلمين في وظائفهم التربوية والتعليمية ترجع أساسا إلى عدم فهمهم أو مراعاتهم لبعض هذه العوامل أو كلها التي سبقت الإشارة إليها ومن ثم عدم استخدام الأساليب التي توافقها.
والأهم في استخدام الأساليب التربوية والتعليمية هو محاولة إثارة أذهان الطلاب وتشويقهم إلى موضوع التربية والتعليم وكلما استطاع الأسلوب إيجاد الفعالية والحيوية داخل الموقف التربوي أو التعليمي عن طريق الإثارة والتحفيز كلما يكون ناجحا في مهمته. ذلك أن الأسلوب الذي يثير الأذهان والانفعال يؤدي إلى ترسيخ المعلومات؛ لأنه يهيئ الاستعدادات النفسية للانتباه
والسؤال الآن ما إذا كان الأسلوب أو الأساليب هي أكثر إثارة وتشويقا لنفوس المتربيين ؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من الإشارة مرة ثانية إلى أن الأسلوب وحده لا يستطيع إثارة وتشويق نفوس الطلاب بل بالإضافة إلى توافر عناصر الإثارة والتشويق في طبيعة الأسلوب لا بد أولا من فهم العوامل المؤثرة في البيئة التربوية والتعليمية ومراعاتها ومن ثم اختيار ما إذا كان من الأساليب يناسب هذا الموقف التربوي والتعليمي أو ذاك. فمثلا قد يؤدي أسلوب القصة في موقف معين دوره الفعال لا يؤديه أسلوب الحوار والعكس كذلك. وهكذا تحدث عملية الإثارة والتشويق في الموقف التربوي أو التعليمي من خلال جانبين: الجانب الأول هو الأسلوب الذي يستخدمه المربي أو المعلم بكل فعالية والثاني العوامل المؤثرة في ذاك الموقف.
أما الإجابة عن السؤال المذكور فيمكن القول أن هناك عدد من أساليب تربوية يمكن اعتبارها بأنها أكثر إثارة وتشويقا لأذهان الطلاب في الغالبوالتي بإمكانها أن تجعل البيئة التربوية والتعليمية فعالة حيوية. وإن واحدا منها هو أسلوب البشارة بما في طبيعته من كثرة عناصر التشويق والتعزيز, ووفرة جوانب الإثارة والحفز. وذلك إذا تم استخدامه وفق عوامل وضوابطلنجاح الأساليب التربوية.