الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلىالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
الوصية الثانية : البر بالوالدين والإحسان إليهما في المعروف وبالمعروف .
قال تعالى : {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (14) سورة لقمان.
هذه الوصية الثانية من وصايا العبد الصالح لقمان لابنه وهو يعظه ، وقد ثمنها الله تعالى في كتابه ، وجعلها تتلى إلى يوم القيامة ، وما ذلك إلا لعظم شأنها حتى تبقى ركنا قائما في قاموس وصايا التعامل في البناء التربوي العائلي ، يوصي بها الأباء الأبناء جيلا بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فإن تقدير الوالدين وتوقيرهما والبر بهما مستقر في الفطر تحكمه العاطفة الغريزية التي أودعها الله في نفس الأولاد للأباء، وإن كانت عاطفة الأباء وحبهم للأبناء أكثر بكثير، ولا يعرف هذا الحب وتلك العاطفة الجامحة عند الأباء لأبنائهمإلا من رزقه الله الأولاد ورأى فلذة كبده تذب أمامهعلى الأرض فكل مولود يجد في نفسه ذلك لوالديه ، ولكن يمكن أن تنحرف به الفطرة بسب عوامل خارجية ، وتسلط الشيطان على بني آدم ، ولا يستيقظ إلا إذا أصبح هو والدا له أولاد، فلا يعرف قيمة الوالدين إلا من رزق بنعمة الأولاد.
وإن لقمان الحكيم ، ذاق طعم هذه العاطفةوالمحبة الأبوية ، وعرف قدرها فأراد أن يتركها وصيةفي عقبه لولده ، وهكذا لولده من بعده ..وهكذا قبلها الله تعالى وأكدها وأنزلها في كتابه ، كيف لا تكون بهذه المكانة من الأهمية وقد قرنها سبحانه بإفراده بتوحيده في عبادته .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند هذه الآية : .. ثم قرن وصيته إياه بعبادة الله وحده بالبر بالوالدين لعظم حقهما ، فالأم حملت ولدها بمشقة والأب تكفل بالانفاق ، فاستحقا من الولد الشكر ) حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِيعَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ(
وجعل الله ذلك الشكر من أحب الأعمال إليه فعنأبي عمرو الشيباني قال : حدثنا صاحب هذه الدار – وأومأ بيده إلى دار عبد الله بن مسعود رضي اللهعنه قال: {{سألت النبي صلى الله عليه وسلم :أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل ؟قال: <<الصلاة على وقتها>> قلت : ثم أي؟ قال :<< ثم بر الوالدين >> ..{ متفق عليه .
وقد بين الله تعالى تلك الوصية المبهمة :{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْه ِ}وبقوله تعالى : {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَبِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا } (15) سورة الأحقاف.
قال البغوي رحمه في تفسيره :أي برا بهما وعطفاعليهما ، معناه ووصينا الانسان أن يفعل بوالديه ما يحَسن .
وقد أمر الله تعالى بهذه الإحسان فقال : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} (23) سورة الإسراء .
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمهالله في تفسيره لهذه الآية الكريمة : أي أحسنواإليهما ، بجميع وجوه الإحسان ، القولي والفعلي ، لأنهما سبب وجود العبد ،ولهما من المحبة للولد ، والإحسان إليه ، والقرب ، ما يقضي تأكد الحق ووجوب البر .
قلت : بل يفعل بهما ولهما الأحسن ، ولايقدم عليهما ما يستحسنه لنفسه لأن قوله صلى اللهعليه وسلم في حديث عبد الله بن مسعود رضيالله عنه ) ثم بر الوالدين) مفهومه الإتساع في الإحسان إليهما وصلتهما وأداء حقوقهما ، وهذا معنى البر فإنها كلمة كبيرة واسعة المعنى . كإتساع رضا الله فإنه يشمل الرضا بجميع الأعمال الصالحة ، ومن أعظمها بر الوالدين ، لذلكم قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ( رضا الرب في رضا الوالدين ، وسخط الرب في سخط الوالدين (حديث حسن موقوف ، وصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم انظر له السلسلة الصحيحة
ومن تمام رضا الرب عن العبد شكره لله تعالى وللوالدين ، اشكر العظيم على هذه النعمة العظيمة أن الله جعله في رعاية والديه من حين الحمل والوهن المصاحب له، إلى وقت الولادة مع الكره الذي تجده الأم ، إلى فصاله وفصامه في عامين ، إلى الرعاية به وحبه والعطف والحنان عليه حتى اشتد عضده وأصبح عضوا صالحا فيالمجتمع ،وذلك في قوله سبحانه : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (15) سورة الأحقاف .(المقصود بالكره في الآية هو المشقة التي تجدها الأم في الحمل ، وليس الكره بمعنى البغض والنفر من الشيء، فإن المرأة مجبولة على حب الحمل والإنجاب، ولو كان فيه من الوهن والمشقة ما فيه ، وإذا أردت أن تعرف ذلك فاسأل بعض من لم يرزقهمالله الأولاد كيف لفهم وولعهم على فقدان تلك النعمة .
واعلموا – جعلني الله وإياكم من أوعية العلم – أنالله كما أمر بالبر بهما بكل أنواعه ، نهى عن العقوق لهما بكل أشكاله وصوره ،فرتب النهي بدءا بأصغر ما يؤذيهما ويسوء إليهما، ليدل على تحريمما زاد عليه فقال 🙁 إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) فإذا كان العقوق حاصل بأدنى المراتب التي هي 🙁 فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ) كما في هذه الجملة من الآية وأنه من أكبر الكبائر كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور فكيف بما زاد على ذلك ؟؟؟ ممن يرفع يديه ليضربهما أو يسبهما، أو يرميهما في دور العجزة، أو يهملهما أو يحرمهما دنيا كانا سببا في تنعمه بها ، اللهم عفوك ، اللهم عفوك .
وقد أوجب الله هذه الوصية وأمربها ، إلا في حالة واحدة وهي : أن يأمراك بمعصيته تعالى ، فحينئذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ومع عدم طاعتهما في المعصية ، وجب الإحسان إليهما في غيرها من المباحات ، ومصاحبتهما بالمعروف ،وهذا من عظمة هذا الدين وتعظيمه لحقوق الوالدين اللذين كانا سببا في وجود الولد .
فقال سبحانه وهو يوصي بذلك : (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (8) سورة العنكبوت.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية : أي إن حرصا عليك كل الحرص أن تتبعهما على دينهما ، فلا تقبل منهما ذلك ، ولا يمنع ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفا أي محسنا إليهما ، واتبع سبيل المؤمنين .
قلت : أي، إن أمراك بمعصية ، من تخل عن واجب أو تمذهب بمذاهب ، سواء كان مذهب كفري أو حزبي مبتدع كأن يأمراك بأن تتشيع أو أن تسلك سبيل الخوارج والتكفيرين ، والقدرية المجوسوالمرجئة المميعين ، ومذهب العلومة والعلمانين ، والاشتراكية والرأس ماليين ، وغيرها مما يسمى بالثقافات الحضارية التقدمية التي تحارب الإسلام وتسعى إلى هدم قواعده ،أو أمراك بمعصية كمنعك من الصلاة ، أو الذهاب إلى المسجد ، أو تعلم المعلوم من الدين بالضرورة ، أو يلزماك بحضور وإقامة حفلات الزفاف المليئة بالمنكرات ، أو يجبراك على الدراسة والعمل في الاختلاط ، أو التبرج والسفور ، لأن بعض الأباء يعد ذلك تقدما ، ويعد الحجاب الشرعي تأخرا ورجعية ، فلا تتبعهما وصاحبهما في الدنيا بالمعروف المتعارف عليه شرعا أو عرفا مما لا يخالف شرع الله قال تعالى :(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (15) سورة لقمان ، وقوله سبحانه :(وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) يعني مصاحبتهما في جميع أمور دنياك مما ليس فيه مخالفة ،وعلى امتداد دنياك أي حياتك .
ومن الإحسان إليهما في ذلك مناقشتهما بالتي هي أحسن للتي هي أقوم ، والصبر على ذلك وعدم التنازل عن شيء من دينك مما هو من الواجبات ، على خلاف المندوبات إذا كان ذلك يؤلف بينك وبينهما فلا حرج حنئذ ، على أن لا يستمر ذلك طويلا ويصبح عادة لهما يجدانه بابا للنتقيص من دينك شيئا فشيئا ،واسمع لهذه المناقشةوالمحاورة الأدبية الرائعة : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (41)إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِالشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا(44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ) (45) سورة مريم وفي آخرها قال له : ( قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا )(47) سورة مريم ، فانظروا -رحمكم اللهوإيانا – كم من مرة يكرر هذه اللفظة الرقيقة اللطيفة يستلطف بها شعور والده فيلين لها ويسمع لما وراءها : ( يَا أَبَتِ) أي أدب هذا وأي تلطف ذلكم في إقرار التوحيد وإفراد الله بالعبادة، ودعوة الوالد إلى ذلك وهو المشرك .
ويتكرر هذا الخلق الرفيع مع يوسف ،وأبيه وهو أدب الأنبياء ودأبهم عليه، فاسمع يا رعاك الله (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ )، وبنفس اللطف والحنان والرقة يبادله أبوه الخطاب فيقول : ( قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (4- 5) سورة يوسف. يالها من كلمة لطيفة رائعة ترفع من معنوات الابن وهو يسمعها من واليه ،فتنزل على قلبه كقطرات الندى لتبلله بحنان وعطف الأبوة ، فيطرب لها ويسعد بها ،فما أحوجنا لمثل هذه الآدابالرائعة مع أبائنا في النسب وآبائنا في العلم ،وأبناءنا كذلك .
واعلم أن كل ما ثبت للوالدين من الوصية بهما والإحسان إليهما فهو ثابت للعالم والمعلم لأنه في مرتبة أحد الوالدين ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ …) (59) سورة النساء ، فأولوا الأمر منا هم العلماء والأمراء، فطاعتهم واجبة ، وحق المعلم على المتعلم لا يقل عن حق الوالدين على ولدهما لأن الحاجة إليه أعظم من حاجته لوالديه .
* والآن نأتي إلى تلخيص الفوائد المستقاة منهذه الوصية العظيمة :
1 ـ وصية الإنسان بوالديه ، مهما كان جنسه ، ودينه ، فهو مأمور بهذه الوصية ، فلا فرق بينمسلم وكافر إذ لفظ الإنسان يشمل جميع أنواع بني آدم ، وفي هذا إشارة إلى أن جميع الإنسانية مخاطبة بأصول وفروع الشريعة الإسلامية .
2 ـ لوصية بالإحسان للوالدين والبر بهما ، والصبر عليهما في جميع الأحوال وفي كل حين لأنه مهما أحسنت إليهما فلا يمكن أن تكافأهما على الوجه المرضي إلا أن تجد أحدهما عبدا فتشتريه وتعتقه فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى اللهعليه وسلم قال : ( لايجزي ولد والده ، إلا أن يجده مملوكا،فيشتريه فيعتقه ) رواه البخاري ومسلم.
قال السندي في شرحه سنن ابن ماجة: وفي الحديث أن العبد كالهالك ، فكأنه بالإعتاق أخرجه من الهلاك إلى الحياة ، فصار فعله ذلك مما يعدل فعل الأب حيث كان سببا للوجود وإخراجه من العدم إليه .
3 ـ النهي عن طاعتهما إذا أمرا بشرك أو كفر أو معصية ، وأنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وإنما الطاعة في المعروف ،وهذه قاعدة عامة وليست خاصة بالوالدين لأن قوله تعالى 🙁 وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ ) تفيد عدمُ طاعةِ وإتباعِ من لم يُنب ويرجع إلى الله .
4 ـ الشكر للوالدين باعتبار أنهما كانا سببا في وجوده ، والشكر لله تعالى على تلك النعمة ، وهي أنه جعل للعبد والدين كان سببا في وجوده ورعايته إلى أن أصبح إنسانا سويا مكلفا فطُلب بالشكر تكليفا وليس تشريفا .
5 ـ مصاحبتهما في الدنيا بالمعروف وللمعروف ، مالم يجاهداك لتشرك بالله أو تعصيه ، وقوله تعالى :(.. فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا..) يفيد أن ذلك في جميع دنياك فلا تحرمهما شيئا منها ، وطول عمرك أيضا فلا تقصر في حقهما في وقت دون آخر . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء … (وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك ، فاخرج لهما)
6 ـ عظم حق الوالدين ، وأن الله قرنه بحقه من إفراده بالتوحيد والعبادة ..
7 ـ عظم جرم عقوق الوالدين فكما قرن طاعتهما بطاعته وتوحيده ، قرن معصيتهما بمعصيته والشرك به ، فعقوق الوالدين كبيرة وعظيمة من العظائم لمقارنتها بالشرك ، كما أن الإحسان إليهما وطعاتهما في الله من أعظم أعمال البر ، كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود .
8 ـ عدم الأخذ بهذه الوصية من البر بهما يوقع العبد في أكبر كبائر الذنوب ، وهو العقوق .قال عليه الصلاة والسلام: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر [ ثلاثا ] قالوا : بلى : قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين ) متفق عليه .
9 ـ العقوق يحصل بأصغر أمر نهى الله عنه ، وهو لفظة [ أف ] ويتعاظم كلما ازداد حجم المخالفة التي يكون بها العقوق ، قال بعض السلف لو كان هناك ما هو أصغر من هذه اللفظة [أف ] لنهى اللهعنه تقديرا وتعظيما لحق الوالدين على الولد .
10 ـ الوصية بالأبناء فهم نعمة يجب المحافظة عليها ، وعدم الإضرار بها ، فلا يكون العباد والدا يعطى حقوقه ، حتى يكون ولدا يعطى حقوقه من الرعاية والربية الصالحة .وصلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد .