كما أن للتوحيد عظمته وسعادته، وجلالة قدره، فإن للشرك موجعات وآلام وحسرات، تتفطر لها القلوب، وتنفر منها الطباع، وتترفع عنها عقول أولي الألباب.
فمن أبرز موجعات الشرك، بغض الله تعالى لمن أشرك معه غيره فيما هوله، حتى قال تعالى عن الشرك (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)
ومن موجعاته تعلق القلب بمن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعا، من شجر يعبد، أو قبر يرجى، وصالح يرتجى منه ما لا يقدر عليه. فيصبح قلب الفرد متعلق بذلك المخلوق، يخافه وهو لا يُخَاف، ويرجو منه وهو لا يرتجى، ويسأله وهو عاجز لا يستطيع نفع نفسه فضلا عن نفع غيره.
ومن موجعاته أن العقل الصحيح والفطرة السليمة ترفض أن ترضخ لمخلوقات فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، أو هو حق لله تعالى. وبالتالي فإن صاحب الشرك يقر بنقص عقله عن فهم وإدراك ابسط ما يعيه العاقل الفطن.
ولذلك فإن من أبرز أسباب الشرك الجهل العلمي، فأغلب أصحاب الشرك من جهال الأمة بالعلم الصحيح، لأن صاحب العلم الصحيح لديه من علمه ما ينمي عقله ويبصره بحقيقة المعبودات من دون الله تعالى.
ومن أسباب الشرك مخالطة الجاهل لمن هو مثله في الجهل، فيقتدي بشركه، وما هو عليه، فليس عنده من العلم ما يبصره بحقيقة من يخالطهم.
وإذا تربت العقول والنفوس على الشرك ألفته وانساقت إليه حتى يأتي العلم وتوفيق الله تعالى فيتبصرون به .
وهنا يأتي أهمية نشر العلم بجميع أنواعه وفروعه، إذ به تصح العقول، وتستقيم الأفهام، وترتقي المقاييس، وتصح المقارنات، وبالتالي تنضج العقول، فتعرف الحلال من الحرام والصحيح من السقيم، والتوحيد من الشرك، وما هو حق لله تعالى دون غيره من البشر.
فاللهم جنبنا الشرك، وتوفنا موحدين عابدين لك وحدك.