لكل عمل ثمرة، وثمار التربية النبوية واسعة الظلال، عظيمة الآثار، تغرس الإيمان، وترتقي بالأخلاق، وتهذب الطباع، وتنظف الصدور من الأحقاد والآثام، وتربي العدل في النفوس، وتغرس الخير في القلوب.
ومن تلك الثمار اليانعة هذا الموقف، الذي يدل على عمق التربية النبوية بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن عون بن أبي جُحَـيْفَـة عن أبيه قال: كنت عند عمر، وهو مُسجّىً ثوبه، قد قضى نحبه، فجاء علي فكشف الثوب عن وجهه، ثم قال: (رحمة الله عليك يا أبا حفص، فوالله ما بقي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ أحَبُّ إليَّ أن ألقى الله تعالى بصحيفته منك) (مسند الإمام أحمد)
إن هذا الموقف يبين أثر التربية النبوية في قلوب الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وكذلك المنزلة العظيمة التي يحتلها عمر بن الخطاب عند علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، وكذلك ما كان عليه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من الإيمان والعبادة والسجايا وخلال الخير التي يُحِبُ أن يلقى اللهَ تعالى بها عليُ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
إنَّ هذا التعبير الذي يسجله علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يبين حقيقة التربية النبوية التي غَرَسَت في قلوب الصحابة عمق المحبة وكمال التعامل، وجمال التعبير، والوصف لبعضهم البعض.
بل إن هذا الموقف يلزم منه أن يغرس في أتباعهم من أجيالنا وما بعدنا أهمية النظرة الصحيحة والعدل في الحكم، والصفاء، وإنزال الناس منازلهم، وعدم التحاسد أو التباغض أو التسابق على ما لا يليق بالمسلم أن يسابق أخاه فيه.
بل إن هذا الموقف يبين كيف يتعامل المرؤوس مع أميره ورئيسه، ويعطيه حقه الذي يستحق من التقدير، في حياته وبعد مماته.
وفي هذا الموقف دليل واضح متأكد في ألفاظه وحقيقته، ويرد على كل من يتدخل بين الصحابة، أو يقول في خلافة الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين بأي كلام لا يليق بهم.
فلله درك يا علي يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصفائك وإخلاصك وإيمانك ودينك وأخلاقك، وبيان المحبة لأخيك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنكما.
ولله درك يا عمر بدينك وأخلاقك وإيمانك وعبادتك وأعمالك التي جعلت علياً رضي الله تعالى عنه يقول (فوالله ما بقي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ أحَبُّ إليَّ أن ألقى الله تعالى بصحيفته منك)