لم يأت في شريعة من الشرائع، ولا في ملة من الملل العناية بالعلم، والإشادة بأهله وذويه، كما جاء في الإسلام ، والنصوص في هذا لا تحصى كثرةً، وكل ذلك يعد تحذيراً في نفس الوقت من الأمية التي بمعنى الجهل، والذي يعد أكبر مشكلة تواجه التنمية، ولذا ينظر العالم بصفة عامة إلى هذه المشكلة من جميع جوانبها، ويبذل الأموال الطائلة في سبيل علاجها، بل كونت بعض البلدان وزارةً كاملةً لدراسة هذه المشكلة والخروج بحلول مناسبة لها، ومما يبين عناية التربية الإسلامية بأمر العلم والتعليم ما يلي :
1 ـ قوله تعالى (( اقرأ بسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم )) وهذه أول الآيات نزولاً على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيها الأمر بالقراءة، والإشادة بالقلم ، وهما من أعظم وسائل التعلم .
2 ـ قوله تعالى (( وقل رب زدني علما )) فلم يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يطلبه الزيادة من شيء إلا من العلم .
3 ـ قوله تعالى (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) قال الألوسي ( فيها دلالة على فضل العلم ، ورفعة قدره ، وكون الجهل بالعكس، واستدل به بعضهم على أن الجاهل لا يكافئ بنت العالم ) .
4 ـ وفي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع … ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي ، وقد أفرد ابن رجب لشرح هذا الحديث العظيم كتاباً سماه ورثة الأنبياء .
5 ـ الأمر لأهل العلم بأن يقوموا بنشر العلم بين أفراد المجتمع ، والوعيد الشديد لمن كتمه ، حيث يقول تعالى (( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون )) وبهذه الآية استدل أهل العلم على وجوب تبليغ الحق ، وتبيان العلم على الجملة ، ولذا قال علي رضي الله عنه ( ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا ).
6 ـ الأمر بسؤال أهل العلم ، كما قال تعالى (( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ففيه الأمر بالتعلم وسؤال أهل العلم ، ونهي عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم ، وفي هذا حماية لمصدر التعلم ، وبيان لأهميته الكبرى ، حيث يعد المعلم العالم أهم ركائز العملية التعليمية ، ومن تحت يده يتخرج القضاة والمصلحون والأطباء والمهندسون ، وسائر المبدعين في جميع التخصصات العلمية والمهنية التي يحتاجها المجتمع ، ويتطلب إيجاد الأكفاء من أبناء البلد للعمل على توفيرها ، ومن المؤسف له أن العالم الإسلامي يعاني من ارتفاع نسبة الأمية ، حيث تبلغ نسبتها في النساء 80% ، بينما تبلغ نسبتها في الرجال 35% ، وهي بهذا حقيقة بإيجاد التخلف ، والاحتفاظ بالمستوى المتدني للعالم الإسلامي ، كما أنها تمثل عائقاً كبيراً للتنمية البشرية .