جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( لا صلاة بحضرة الطعام … )) .
في هذا الحديث العظيم لفتة تربوية ، وهي التنبيه على ضرورة تلبية الحاجات العضوية في الإنسان، وهي تلبية حاجة الطعام ، حيث نهى الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلم من أداء الصلاة وهو محتاج إلى إشباع حاجة الطعام؛ لأن الجائع إذا أدى الصلاة وهو محتاج إلى إشباع غريزة الطعام ، فإنه يؤديها وهو منشغل بها، وتفكيره منصرف لسد تلك الحاجة فلا يخشع في صلاته، ولا يؤديها حق الأداء من الطمأنينة والترتيب.
وفي هذا دليل على مراعاة الإسلام لحاجات النفس الضرورية ، وتلبيتها، وسده لمطالبها، لأنها من المقومات الأساسية التي تساعد المسلم على أداء وظائف الحياة وتحقيق العبودية لله -تعالى- على أكمل الوجه. فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
ويمكن أن يستفاد من هذا الحديث في المواقف التربوية والتعليمية ما يلي :
1- على أولياء الأمور أن يهتموا بحاجة الجسم إلى الطعام، ويراعوا تزويد أبناءهم بالطعام الجيد والمتعدد المنافع الغني بالفيتامينات قبل ذهابهم إلى المدارس حتى يسد حاجتهم الجسمية بشيء مفيدٍ ومقوٍّ . كما أن عليهم أن يختاروا الأطعمة الجيدة في وجباتهم الغدائية والعشائية بما يقوي البدن .
2- وبما أن شرب الماء من حاجات الجسم المهمة فإن على المعلم أن لا يمنع الطالب في مقعد الدراسة من طلبه الخروج من الفصل لأجل شرب الماء؛ لأن منعه ذلك يصرف ذهنه عن الاستفادة ويشغل فكره عن الطلب؛ إلا إذا كان المنع لغرض التأديب أو التنظيم .
3- وثمة قضية تربوية مهمة وهي أن لا نستخدم حاجات الطعام والشراب الأساسية كمحفزات ومكافآت يحصل عليها المتربون عند إنجازهم للأعمال المطلوبة؛ فلا وجبة عشاء إلا بالمذاكرة مثلا، ولا وجبة غداء إلا بكتابة الواجبات المدرسية؛ لأن هذا الأسلوب خاطئ في التعامل ، إذ يسبب أولا اختلالا في الجسم وضعفاً في البدن، كما أنه يورث في نفس المتربي كره وبغض المربي. غير أن هذا الأسلوب يمكن تطبيقه في الحاجات التحسينية والكماليات، مثل أن نضع المكافآت والحوافز من الكعك والبسكويتات مثلا على الواجبات التي يقوم بها المربى .
4- أن لا نقدم الواجبات المدرسية والأعمال الأخرى إذا حان وقت الوجبات الغذائية بحجة إكمال الأعمال وعدم تأخيرها .