بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فقد لقيت الروابط الاجتماعية في الإسلام عنايةً كبرى ، وحظيت ببيان واف من النبي صلى الله عليه وسلم ، ذلك لأن المجتمع إذا تلاحم وتكاتف ، كان مجتمعاً راقياً ، يعيش بفكر الجماعة ، ويبتعد عن الأثرة والأنانية ، ومن أعظم تلك الروابط التي عني بها الإسلام رابطة الجوار ، فالجار هو من سكن بجوارك مسلماً كان أوكافراً ، وقد يكون الجار في المسكن أو في العمل أو في السوق أوعلى مقاعد الدراسة أوغير ذلك ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) متفق عليه ، ويقول ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) وفي رواية ( فلا يؤذ جاره ) متفق عليه . ومن حقوق الجار على جاره ما يلي :
1ـ الإحسان إليه : ويشمل أموراً كثيرة كالإهداء إليه ، وذكره بالجميل ، وزيارته وإجابة دعوته ، وغير ذلك ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( خير الجيران عند الله خيرهم لجاره ) رواه أحمد والترمذي ، وقد كانت الهدية تأتي إلى أحد الصحابة فيبعث بها إلى جاره ، ويبعث بها هذا الجار إلى جار آخر ، وهكذا حتى تدور على نحو من عشرة بيوت ، ثم ترجع إلى صاحبها الأول .
2ـ تفقده وقضاء حوائجه : وذلك بالسؤال عنه ، وافتقاده إذا غاب عن المسجد أو عن مناسبة ، وتقديم يد العون والمساعدة له ، سواء كان ذلك بالشفاعة له ، أو التعاون معه على قضاء دينه ، والتخفيف من معاناته ، وغير ذلك ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ما آمن بي من بات شبعاناً و جاره جائع إلى جنبه وهو يعلم ) رواه الطبراني .
3ـ ستره وصيانة عرضه : فإن الجار بحكم مجاورته لجاره وقربه منه قد يطلع على بعض أموره الخاصة التي لا يعلم بها أحد ، فالمنبغي على الجار أن يستر جاره ، وأن يجتهد في ذلك ، إذ اعتبر الإسلام خيانة الجار أعظم من خيانة غيره ، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم ؟ فقال 🙁 أن تجعل لله نداً وهو خلقك ، قيل : ثم أي ؟ قال : وأن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ، قيل : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك ) متفق عليه .
4ـ كف الأذى عنه : فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أذى الجار غاية التحذير فقال 🙁 لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه ) رواه مسلم . والبوائق هي الشر والمصائب .
5ـ تحمل أذى الجار : قد يحصل من بعض الجيران هداهم الله أذيةً لجيرانهم ، سواء كان عن طريقهم مباشرةً أو عن طريق أبنائهم ، أو غير ذلك ، فهنا ينبغي للجار تحمل جاره والصبر على أذاه ، ومناصحته بالتي هي أحسن ، وعدم مقابلة أذاه بالمثل ، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال له ( اذهب فاصبر … ) رواه أبو داود .