إن زرع الثقة في النفس ، أو تنمية مفهوم ذات إيجابي لدى الشخص سواء أكان ذلك في البيئة أو المدرسة أو غيرها أمر في غاية الأهمية ؛ حيث بينت ملاحظات علماء النفس أن تدني مستوى مفهوم الذات وراء العديد من المشكلات النفسية والسلوكية لدى الصغار والكبار .
والإنسان الذي لديه ارتفاع في مستوى ذاته الإيجابية يكون قادراً على الإنجاز، ويتمتع بالاستقلالية ، ويتحمّل المسؤولية، ويتحمل الإحباط، ويُقبِل على تعلم الخبرات الجديدة ، ولديه قدرة على التأثير في الآخرين ، كما يستطيع أن يعبر عن مدى واسع من انفعالاته كالفرح والسرور ..
أما الإنسان الذي لديه انخفاض في مستوى ذاته الإيجابية أو يكون لديه مفهوم الذات سلبية فإنه يحط من قيمته وإمكانياته ، ويشعر بأن الآخرين لا يقدرونه ولا يفهمونه، ويتأثر بالآخرين ، ويستثار بسهولة كما أنه يشعر بالعجز
ويمكن غرس الثقة في الإنسان عن طريق إشعاره بالاستقلالية ، وذلك في قبول آرائه الصحيحة وتشجيعها ، ومناقشة آرائه المخالفة للصواب وإقناعه بعدم جدواها، وترك حرية الاختيار له في أموره الخاصة التي يقوم بها، واختياره الأصدقاء مع أهمية توجيهه ومساعدته في الاختيار . وتشجيع تصرفاته التي لا يوجد فيها مضرة والتي تساعده على الاستقلالية
وفي منهج التربية الإسلامية ما يدل على أهمية الثقة بالنفس وغرسها في نفوس الناشئة ، وذلك من خلال تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه -رضي الله عنهم- ومن ذلك ما يلي :
أولا: الاستماع لهم : كما في قصة الشاب الذي جاء يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن له بالزنى ، فالنبي صلى الله عليه وسلم استمع له وحاوره حتى أقنعه بخطأ ما كان يريد أن يفعله .
ثانيا: مشاورتهم : ومما يدل على ذلك مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم في الحروب كما استشار في غزوة الخندق وقبل رأي سلمان الفارسي رضي الله عنه في حفر الخندق ، كما استشار النبي صلى الله عليه وسلم علياًّ وأسامة في فراق عائشة رضي الله عنها .
ثالثا: احترامهم وتقديرهم؛ ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى لغلام كان عن يمينه إناء شرب منه مع وجود أشياخ عن يساره .
رابعا: عدم إشعارهم بالفشل ؛ ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يولي القائد الذي لم تحقق سريته هدفها القيادة على سرية أخرى وهذا فيه رفع لمعنوياته ، وإكسابه ثقة بنفسه ، كما تكسبه ثقة الآخرين .وحدث هذا مع بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه عندما أمره على السرية التي توجهت إلى بني مرة وكان عددهم ثلاثين رجلاً فاستشهدوا جميعاً ونجا وحده ، ثم ولاه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد شهر فقط على سرية يمن وجبار وكان عددها ثلاثمائة رجل ،فهرب الأعداء وتركوا أنعامهم ورائهم فاستاق المسلمون الأنعام وأسروا بعضهم. فجميع الصور السابقة من التعامل تشعر الشخص بالثقة بالنفس ، وعلى أن له تقديراً واحتراماً وقيمة في المجتمع الذي يعيش فيه . لذلك تلاحظ في الصحابة -رضوان الله عليهم – قوتهم في بيان آرائهم وتفوقهم في إنجاز الأعمال وإتقانهم لها ، وصبرهم وقوة تحملهم وغيرها من الصفات الحميدة .
ومن الأساليب الناجحة في غرس الثقة في الشخص حسن التعامل معه قولياً وفعلياً، والثبات معه في المعاملة ، وإشعاره بالقبول ، والفصل بين ذاته وأفعاله .