الانطواء هو الميل للعزلة والبعد عن مشاركة الآخرين فيما يجب أو ينبغي أن يشارك فيه الإنسان مع الرفاق (رفاق الصداقة، أو رفاق العمل، أو زملاء المدرسة مثلا).
ولهذا الانطواء أسبابه التي قد تمتد معه إلى مرحلة الرجولة، ومن أبرزها:
ـ المبالغة في الخوف على الطفل، مما يجعل والديه يحرمانه من مشاركة أقرانه.
ـ إشعار الصبي أنه لا يستطيع أن يعمل الكثير مما يستطيع أن يقوم به من الأعمال، كحمل بعض الأشياء، أو تحمل بعض المسؤوليات، مما يُشعره بالنقص وعدم الثقة بالنفس، وعدم مماثلته لأقرانه مما هم عليه من القدرات، وبالتالي قد يتجنب مخالطتهم ومشاركتهم لعدم مساواته لهم في خبرته الحياتية.
ـ إشعار الصبي أنه أضعف من أقرانه، سواء في البنية الجسمية، أو في القدرات الذهنية. فَيُقال له فلان أقوى منك، أو أذكى منك، أو أنت أقل منه في كذا وكذا. مما يرسم في ذهنه صورة غير صحيحة عن نفسه، صورة الدونية، والضعف، وبالتالي قد يعالج وقعه الذي ارتسم في ذهنه بالعزلة عمن يتفوقون عليه وهما لا حقيقة.
والمنهج النبوي الكريم لا يغرس في الأبناء مثل هذه الصور التي تغرس في الشخص الانهزامية، جاء في الحديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبدالله وعبيدالله وكثير من بني العباس رضي الله عنهم، ثم يقول من سبق إليَّ فله كذا وكذا. قال: فيسبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره، فيقبلهم ويلزمهم) وفي هذا الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم لم يُشعر أحدا بأنه أقل من أقرانه، وذلك بتقبيلهم جميعا، السابق والمسبوق، ولم يرد في الحديث أن يقول فلان أفضل من فلان، بل كان يتقبلهم جميعا. وهذا يغرس الثقة في الجميع والتواد أيضا.
ومن الأحاديث النبوية (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بعبدالله بن جعفر وهو يبيع بيع الغلمان، أو الصبيان، قال اللهم بارك في بيعه، أو قال في صفقته.) فتمكين الصبي مما يستطيع أن يقوم به يُسهم في بناء شخصيته، وفي الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم، تشجيع وغرس ثقة، وتحقيق بركة بإذن الله تعالى، مما ينعكس على بناء شخصيته،.
ومن أساليب معالجة الانطواء غرس الثقة بالنفس تدريجيا، بدون اندفاع، لأن الاندفاع له مضار، وعدم الاستعجال على النتائج، ثم الصبر في المعالجة، والدعاء، وطلب الهداية لنا وللأبناء من الله تعالى، فهو الهادي والمعين.
ويلزم التنويه عن المبالغة أيضا، بأنها تغرس الغرور، وهو أيضا مرض خطير، فتجنيب الصبي أسباب الانطواء يجب أن لا تمتد إلى غرس الغرور.