3 . الهدية والكرم:
لقد اهتمت التربية الإسلامية بالعلاقات الاجتماعية أشد الاهتمام, وعنت بها عناية كبيرة, وبنت الصلة بين المؤمنين على أساس وثيق من الألفة والمحبة وحسن المودة, وقد حث الإسلام على كل ما يقرب النفوس ويوحّد القلوب, وحذّر عن كل ما يثير الشحناء والبغضاء بين المسلمين, وذلك لأن المجتمع الإسلامي مجتمع قائم على أساس التآلف والتراحم والتواد والتناصر, ومن الأمور التي تسهم في تأليف القلوب, وتساعد على إزالة ما يعوق التآلف والتواد: التهادي والكرم بين أفراد المجتمع, الذي رغّب فيها الإسلام, ولفت أنظار المسلمين إليها, وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تهادوا تحابوا), والمهدي إليه ينبغي أن يقبل الهدية ولو كانت يسيرا, وأن يشكر عليها, ويظهر السرور بها اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم القائل : (ولو دُعيت إلى كراع لأجبتُ, ولو أُهدي إلي كراع لقبلت). فالهدية وإن كانت تولد المحبة في القلوب, فإن استردادها مما يولّد العداوة والبغضاء, ويدعوا إلى القطيعة والجفاء.
آثار التهادي في المجتمع:
أ . أنه يعزّز ويقوي الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
ب . أنه يجمع نفوس المؤمنين على المحبة والألفة.
ج . يزيل ما قد علق بالنفوس من شوائب الحقد والضغن.
يقوي روح التسامح والتعاون في المجتمع.
فبتطبيق ما سبق ذكره من أسباب إزالة معوقات التآلف الاجتماعي, يعيش المجتمع الإسلامي حياة طيبة لا تنافر فيها ولا تباغض, كما عاشها الرعيل الأول من الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.
فقد رُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكث سنوات في ولايته في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بدون أن يتقاضى عنده اثنان, وذلك لتآلف القلوب, وروح التسامح, وحب الصحابة بعضهم البعض, فهنيئا لمن اتبع سنتهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.