الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
هناك صراع للإنسان من أجل إحقاق الحق. وهناك صراع لتحقيق الذات. وكل منهما يدفعه لتحقيق ذلك الأمر. فيطالب غيره به أحيانا، ويخفق فيه أحياناً، ويخلط بين الأمرين أحياناً.
غير أنه كلما كان صراع تحقيق الذات على حساب إحقاق الحق انتكست القيم وساد الظلم والحقد. وضَعُفَ الأداء. (أداء العاملين ــ وأداء المتميزين ــ وأداء الطموحين) لرؤيتهم أن شوكة الظلم وسط معايير لا تسحق الباطل بقوة الحق. بل لها في عالم التعامل صيحة ووثبة.
إن في انعدام رؤية الحقيقة والفرق بينهما يجعل النفس تُقَدِّم هواها على ثوابت الحقائق والواجبات والتي يلزم الانضباط بها ليتحقق الخير والعدل المنشود من الجميع، بل هو مطلوب بحرقة لمن أُقْصِيَ عن مطلوب يراوده ويسعى إليه. لأنه يرى أن قامة الحق هي القامة القاطعة والقائمة بين قامات الأطماع والأهواء.
إن الإنسان يطمع دائماً في أن يسود الرخاء وأن تسود الأخلاق، وأن ترتقي الأمة. ومقابل ذلك تتوق النفس إلى أن تحقق الاستعلاء الذاتي بين الأفراد. وأن تحقق ما يحقق لها بريق الذكر والمصالح الخاصة وإن كانت واهية في سلة رذائل الأخلاق ومهالك السلوك.
والإسلام في معالجته لهذا الأمر يحسمه بقطع مادة الهوى أمام أطماع النفس ونزواتها في قاعدة عامة. قال تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. اعدلوا. هو أقرب للتقوى) فحتى مع من تشانيه ولا تحبه، وجب الانتصار على الهوى للحق.
وفي الأمر الذي يتزاحم الناس فيه، ويتظاهرون بالتناصر وتقديم الخدمات تحت علل المساعدة والوجاهة وتحقيق المصالح، والتناصر بغير وجه حق. يقول صلى الله عليه وسلم (من ولي من أمر المسلمين شيئا، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله) وفي رواية : (من قلد رجلا عملا على عصابة ، وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه ، فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين )
وهذا يكون في كل وظيفة مهما كانت صغيرة، فهي مسؤولية عظيمة جسيمة.. فكيف بمن لا يبالي في هذا الأمر. فيحابي فلانا لأنه صديق والآخر لأنه قريب، والآخر لأنه صديق الصديق، ومقابل ذلك يتم إبعاد البعيد المستحق .
فماذا سيحمل هذا المطرود المغلوب على أمره. هل سيحمل حباً، وهل سيستشعر العدل، أم هل سيستشعر الظلم ويمتلئ قلبه حقداً، وربما انعكس على تعامله مع غيره.
إنها وقفات مع أمرين:
الأول: مع منهج الإسلام وعدله وتنويره للأمة، وتربيته لمن أراد الآخرة وسعى لها سعيها. فأي شكر وأي حمد يوفي بنعمة الله تعالى بهذا المنهج القويم.
الثاني: أين المسلم من هذا المنهج وتطبيقه في حياته للنقل الإسلام منهج عملي في حياة الأمة. وصورة ناصعة لغير المسلمين. ليعرفوا قيمة هذا الدين، فيندفعوا إليه بتطبيقنا له.
اللهم أهدنا ووفقنا لما تحبه وترضاه والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.