بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
تجتاح من هو في منأى عن الدين سؤالات متعددة.
هل في الدين سعادة. وأين هي؟
لماذا نرى العراك والتنافس والتحدي بين الأفراد وكذلك بين المجموعات؟ وفي مستويات مختلفة.
هل في الدين عوامل التقدم الذي يعيشه الغرب؟
لماذا لم نتقدم لو كان في الدين عوامل التطور؟
المتأمل في الأسئلة هذه. يجد أنه يتفرع منها مناحي عديدة الجوانب. لأن جواب كل سؤال يتطلب الإبحار في شؤون مظنون ذلك السؤال بشكل عميق ودقيق. وهو الذي يتطلب عرض الإسلام كله. وهذا لا يمكن أن يكون جواباً سريعاً. ولذا اقتضت الإجابة الاختصار والإشارة بما يحقق قدرا من الإجابة التي ينشدها الذين يتساءلون
إذا تأمل الإنسان في أحوال نفسية نفسه. وجد منها ما تعانيه نفسه من المُكَدّرات التي لا تنقضي ولا تنتهي. حتى أولئك الذين هم في وسائل الهوى يسبحون. ما أن تنطوي ساعات لهوه إلا وإذا به يدخل في المخادعات النفسية. وما يجده في مهنته ومع زوجته وفي شارعه وفي أنظمته وفي أعطال سيارته بل في كل حاجاته التي لا تنتهي. مما يبين أن موطن الحياة لكل أحد ليس هو موطن السعادة. فموطن السعادة عوامل خارجيه. تنسحب على النفس كالسحابة بين السماء والأرض. فتحجب عنه حرارة ولهيب تعاسة النفس. وتصب عليه غيثا من السكينة الهادئة التي تجعله يشعر بسعادة في جوانحه قد انطفأت فيها لهيب المتاعب والمصاعب والأمنيات التي لا تنتهي.
فأين هذه السحابة؟
تجدها في فصول الإيمان التالية
١-الإيمان بالقضاء والقدر (نحن قسمنا بينهم معيشتهم) فلن تمتلك كل شيء، ولم يملك أحد على مدار الحياة كل شيء. بل أنت لا تملك روحك التي في جوفك (فلولا إذا بلغت الحلقوم) لا يستطيع إنسان أن يمنعها (فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين)
٢-الإيمان بأن الدنيا دار ابتلاء (ونبلوكم بالشر والخير فتنة ثم إلينا تُرجعون)
فقط لو تأمل الإنسان تلك النعمتين من الإيمان لعرف أن السعادة في الدين
وأما سؤال العراك والتفاعل الخاطئ. فإن ذلك بسبب قانون التدافع (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض). فتفاوت قوة الإيمان تجعل ضعيف الإيمان يخاف من غيره على رزقه ووجاهته وما يطمح إليه. ويقابله قوي الإيمان فلا تتكدر سعادته بفعل أخيه الذي ضعف إيمانه أمام بعض أطماعه. لترتفع درجات الصابر والمثابر. فهو الابتلاء (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة اتصبرون)، (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)
وأما سؤال التقدم والتطور. فإن منبع التقدم علم الإنسان. فكلما أهملت الأمة العلم تأخرت في ركب الحضارة. وتقصير المسلمين لا يعني قصور الدين. فالدين أمر بالعلم (إقرأ باسم ربك الذي خلق) (اقرأ وربك الأكرم)
فيوم اهتمت الأمة بالعلم قادت العالم دينا وتطورا وحضارة. وللمستشرقة زغريد هنكة كتابها الذي تشهد به للإسلام (شمس الإسلام تسطع على الغرب)
وتأمل منهجية النبي صلى الله عليه وسلم في معالجة ما كان يدور في ذهن عدي بن حاتم من التصورات غير الصحيحة عن الإسلام، حيث خاطبه النبي عبيه الصلاة والسلام قائلا له: (لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فوالله ليُـوشِـكَــنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلك إنما يمنعك من دخولٍ فيه ما ترى من كثرة عدوّهم، وقلة عددهم، فوالله ليُـوشِـكَــنّ أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من دخولٍ فيه أنك ترى المُلك والسلطان في غيرهم، وأيمُ الله ليُـوشِـكَــنّ أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فُتِحَت عليهم) قال: فأسلمت.
فاللهم ردنا إليك ردا جميلا وأحسن خاتمتنا يا ربنا وخالقنا
والحمد لله رب العالمين. واللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله أجمعين