المبدعون هم عصب المجتمعات، وعنوان رقي الأمم، ولا يختلف المربون على اختلاف أزمانهم وأوقاتهم في أهمية العناية التربوية للمبدعين، لما في ذلك من العوائد الكثيرة على المجتمعات، وتتفاني المجتمعات المعاصرة في رعاية المبدعين من خلال المؤسسات المختصة والتربوية، كما أن التربية الإسلامية اهتمت كثيرا بمن أكرمهم الله بمزيد من الفطنة والعقلية المفكرة، وتربويا ليست العوامل المعنوية والتشجيعية بأقل أهمية من توفير المتطلبات المادية لتغزيز الابداع وتكريم المبدعين. وهذا ما يصوره لنا هذا الأثر:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عمر يأذن لأهل بدر، ويأذن لي معهم، فقال بعضهم: أتأذن لهذا الفتى ومن أبنائنا من هو مثله؟، فقال: إنه ممن علمتم –يشير إلى مكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسبا وحظوة- يقول فأذن لهم يوما، وأذن لي معهم، فسألهم في هذه السورة {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا}، فقالوا أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام إذا فتح الله عليه أن يستغفر وأن يتوب إليه، فقال لي ما تقول ياابن عباس؟ قلت ليس كذلك إنما هو أجل رسول الله أعلمه إياه، وقرأ السورة إلى آخرها، فقال له عمر: والله ما أعلم منها إلا ما تعلم (أخرجه البخاري، والترمذي)
فهذا الأثر يجسد لنا الفقه التربوي العمري، وإجادته فن رعاية الموهوب، ولنا فيه القدوة الصالحة، والتشجيع والحفز المعنوي دافع قويّ في استثمار عقلية المبدع، وهو ضروري في العملية التربوية برمته، وتنادي الدراسات التربوية المعاصرة بإشباع حاجة المتعلم إلى التحفيز في دائرة المباح لما لها من آثار إيجابية نافعة، وليس ذلك بأقل من أن يمتدح المربي ذلك الموهوب، ويكافئه.