النجاح طموح يتحقق، وغاية بدايتها تصور، وأوسطها كفاح وختامها بلوغ المرام. ويستشعر الفرد في تمام النجاح بسعادة واندفاع للمزيد.
ومجالات النجاح أوسع من أن تسطرها الأقلام، فهناك نجاح في طاعة الله تعالى، ونجاح في الإنتصار على المعاصي، ونجاح في الصبر، ونجاح في الأخلاق، ونجاح في المهنة، ونجاح في الدراسة، ونجاح في العلاقات، وغيرها أكثر مما تم ذكره.
والإسلام في منهجه البليغ يرسم لأتباعه دروب النجاح في مسالك وقيم وقواعد تعزز وتحقق بلوغ المرام، وتربي النفس على المسلك القويم في بلوغ النجاح، وأولها قول النبي صلى الله عليه وسلم (إحرص على ما ينفعك واستعن بالله).
فأول المحطات: الحرص على جلب المصلحة ودفع المفسدة العائقة للنجاح، وفي لفظ (الحرص) ما يعزز أخذ الأمر بهمة وعزيمة لا تعرف للكسل طريقاً، ولا للعجز سبيلاً ،ومع ذلك فإن العبد إلى عون خالقه فقير، قال صلى الله عليه وسلم فيم سبق (واستعن بالله) فقوة النشاط وتحقق الإمكانات المادية لا تحقق النجاح بمفردها، بل لا بد من عون الله تعالى ،وكذلك ضعف النشاط وقلة الإمكانات لا تعجز عن تحقيق النجاح بتضافر عون الله تعالى، والاستعانة بالله تعالى تتطلب عزيمة قلبية وسعياً عملياً.
فالعزيمة القلبية :هي الثقة التامة في الله تعالى والسعي العملي بالطاعة التامة لله تعالى، حيث بها يأتي الرضا من الله تعالى للعبد فيعطيه ما فيه مصلحته، ويمسك عنه ما فيه هلكته.
وأما ثاني الخطوات التي يربي طالب النجاح نفسه عليها، أن يعلم أن النجاح ليس دروباً سهلة المنال، بل دروبه محفوفة بالمشقة والصعاب، فلقد نجح صلى الله عليه وسلم بكمال النجاح وأتمه في كل شيء، ومن ذلك نجاحه في دعوته، والتي واجه فيها ألوان المصاعب والمتاعب فلم يعجز، ولم يفتر، ولم يتردد، وكان حريصاً على النجاح في رسالته، وكان مستعيناً بربه في مراده، فتحقق النجاح الذي ننعم به اليوم، وسينعم به كل من أخذ به إن شاء الله تعالى.
إن النجاح يتطلب معرفة القدرات الذاتية، والإمكانات المتاحة، وإن اكتشاف القدرات الذاتية وما يوافقها من الإمكانات المتاحة هي التي يعجز عنها كثير من الناس، نتيجة تقليد من لا يتوافق معهم في القدرات أو نتيجة الطموحات غير الباصرة، وهي الطموحات التي لا تراعي واقع الحال.
فالله تبارك وتعالى لم يطالب الإنسان إلا بما يتوافق مع إمكاناته وقدراته، قال تعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) وقال تعالى (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها) بل رفع تبارك وتعالى الحرج عن المريض المسافر والعاجز في الكثير من العبادات؛ سواء إسقاطاً كلياً كالحج لمن لا يستطيع، أو إسقاطاً جزئياً كالمريض العاجز عن القيام بالصلاة جالساً.
فهل يعي طالب النجاح دروب النجاح، اللهم بصّرنا بدروب النجاح في أوجه الخير لنكون نافعين لأنفسنا وأهلينا و للمسلمين أجمعين.