الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن المتأمل في أثر وسائل الاتصال الحديثة على حياة الأمم والشعوب المعاصرة يجد أن لتلك الوسائل أهمية كبيرة وخطورة جسيمة في واقع المجتمعات البشرية على اختلاف مشاربها، ومما يزيد في أهمية وسائل الاتصال وخطورتها أنها ثنائية الأثر – أي سلاح ذو حدين – لأنها يمكن أن تستخدم أدوات بناء للنفوس والعقول والأبدان، ووسائل للارتقاء بالإنسان إيمانيًا وأخلاقيًا وثقافيًا واجتماعيًا؛ ويمكن – كذلك – أن تكون معاول هدم للأخلاق وإفسادٍ للنفوس وتلويث للثقافة وإثارة للشبهات والشهوات.
ومن أخطر وسائل الاتصال والإعلام – إن لم يكن أخطرها على الإطلاق – شبكة الإنترنت التي أحدثت طفرة عظيمة في عالم الاتصال والإعلام والبحث وأنماط التعليم بما اشتملت عليه من مصادر معرفية تفوق الحصر، ومحركات بحث تساعد الإنسان في الوصول إلى ما يريد بسهولة، وخدمات الاتصال المباشر (المحادثة) والبريد الإلكتروني وغير ذلك من الخدمات الجليلة التي يسرتها شبكة الإنترنت.
ومع كل ما قدمته شبكة الإنترنت من منافع فإنها حملت معها الكثير من الأخطار والمثالب التي هددت ثقافة المجتمع الإسلامي وأمنه وعلاقاته الداخلية، وذلك من خلال ما تحمله هذه الشبكة من أفكار هدامة وترويج للعنف والجريمة وإشاعة للفاحشة بما تبثه من مشاهد جنسية فاضحة ُتطلقها آلاف المواقع المتخصصة في تدمير الأخلاق ووأد الحياء.
مفهوم شبكة الإنترنت:
يقصد بها: مجموعة ضخمة من شبكات الاتصال المرتبطة ببعضها البعض، وهي تنمو ذاتيًا بقدر ما يضاف من شبكات وحاسبات.
والإنترنت يمثل الشبكة العالمية الضخمة التي تربط بين الشبكات الصغيرة، ويتصل بشبكة الإنترنت مئات الملايين من الأشخاص ويتواصلون معًا عبر الشبكة، وينتفعون بخدمة الاطلاع على المعلومات وتبادل البيانات والبرامج.
نشأة شبكة الإنترنت وتطورها:
ترجع بداية الإنترنت إلى الستينيات من هذا القرن، عندما أنشأت وكالة مشروعات الأبحاث المتقدمة للدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية شبكة معلوماتية تهدف إلى تبادل المعلومات العسكرية، على الأرض الأمريكية، وفي السبعينات طرأ تبدل في أهداف هذه الشبكة عقب انضمام عدة شبكات صغيرة لها أنشأتها المؤسسة القومية الأمريكية للعلوم، فاتجهت الشبكة لخدمة مراكز البحث العلمي والجمعيات الأكاديمية، ثم امتدت الشبكة في الثمانينيات خارج الحدود الأمريكية لتصبح شبكة عالمية تعرف باسمها الحالي ((إنترنت)) ثم انضمت إليها مؤسسات حكومية وجامعات ومراكز بحوث من بلدان عديدة . وفي السنوات الأخيرة أُضيفت إلى مهمات شبكة الإنترنت خدمات الأعمال التجارية وغيرها.
وقد أدى إنشاء شبكة “ويب” العالمية وظهور المتصفحات إلى سهولة استخدام “الإنترنت” وانتشارها السريع في العالم، وزيادة عدد المشتركين فيها.
وقد أدى إنشاء شبكة “ويب” العالمية وظهور المتصفحات إلى سهولة استخدام “الإنترنت” وانتشارها السريع في العالم، وزيادة عدد المشتركين فيها.
وبذلك ساهمت شبكة الإنترنت في إحداث ثورة معرفية ومعلوماتية عارمة، بما يسرت للإنسان الوصول إلى المعلومة بسرعة خاطفة، وبما ساهمت فيه من نشر للمعلومات والمعارف والثقافات؛ وهي خدمة ذات اتجاهين قد تستخدم في الخير وقد تستخدم في غير ذلك من الأمور.