تعتبر المحاسبة الإدارية من أهم ركائز النجاح في العمل الإداري، وبالتالي فإن تربية الفرد على قضية تقبل وإدراك عملية (المحاسبة الإدارية) من أبرز مقومات الشخصية الناجحة والمتفاعلة إداريا.
وفي عدم إدراك الفرد لأهمية هذا المضمون الإداري ما قد يدفعه إلى عدم الرضا والتقبل لأي محاسبة له من قبل الغير، خاصة ممن له حق المساءلة.
وتبرز أهمية تفعيل هذه القضية تربويا، من الأسرة ثم المدرسية ، وتعويد الفرد على أنه مُحاسب ومسؤول عن تصرفاته أمام الغير، وأن ذلك لا يعتبر من التعدي على حريته، وأن بساط وسلطان الحرية لا يمتد إلى كل شيء، بل يتوقف عند حدود معينة. وهذا يجعل الفرد لا ينفرد بتصرفاته الذاتية في شؤون حياته عن المسئولية.
وقد كان من منهجه صلى الله عليه وسلم المحاسبة الإدارية التي أنشأت جيلاً يتقبل فيها الخليفة المحاسبة من الغير، وهي مرحلة متقدمة في الميدان الإداري.
فقد استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، فلما جاء حاسبه، فقال: هذا مالكم. وهذا هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا)
فيلاحظ في أسلوبه صلى الله عليه وسلم: المعرفة أولا لحقيقة الأداء، ثم تعليله لمقولة أو استنتاج عامله، بأسلوب مقنع لذوي الألباب. فيعطي بذلك عليه الصلاة وسلام درسا في المحاسبة، والأسلوب المقنع الذي يلزم الأخذ به، حتى يتعلم ويقتنع من تتم محاسبته.
وعندما يتعود الناشئة على المحاسبة من داخل الأسرة، والرد على تعليلاتهم الخاطئة ما يربي فيهم قوة الإدراك والفهم وتقبل المساءلة وإدراك أهمية ذلك، وكذلك ينسحب بساط هذا الأسلوب على المدير مع الطلاب ومع المعلمين ليدركوا ويتعودوا على هذه المنهجية، كما اعتاد عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأصبحوا بعد ذلك يتقبلون خير أنموذجا مدرك لهم المساءلة.