من تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم الشدة والضر، ويجعلهم يلجئون إليه راغبين في الاستجابة ، وكشف الضر ، فيدعونه مخلصين له الدين ، ويرجونه لا يرجون أحداً سواه، وتتعلق قلوبهم به لا بغيره، فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه وحلاوة الإيمان وذوق طعمه والبراءة من الشرك ، ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف أو الجدب أو حصول اليسر وزوال العسر في المعيشة. ومن يعرض عن دعائه ويستكبر فمصيره جهنم ، قَالَ صلى الله عليه وسلم 🙁 الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ) ، ثُمَّ قَرَأَ قال تعالى (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) ـ غافر آية 60 ـ ،فالخالق مجيب لدعاء عباده ، وتكون الإجابة بصور مختلفة جميعها تصب في مصالح الإنسان . قَالَ صلى الله عليه وسلم : ( مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ) ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : (( اللَّهُ أَكْثَرُ )). ولقبول الدعاء شروط ومن أعظمها :
أ-الإخلاص ، قال تعالى :(فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون) ـ غافر آية 14ـ .
ب-الثقة واليقين بالإجابة ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: (( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ )).
جـ-حضور القلب والخشوع والرغبة فيما عند الله من الثواب والرهبة مما عنده من العقاب، قال تعالى :(فاستجبنا له ووهبنا له يحي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين) ـ الأنبياء آية 90ـ ، من يسارع في فعل الخير ، يسارع الله في استجابة دعوته ، فالنفس المؤمنة ترغب في رضوان الله وتخاف غضبه ، وتدعو الله متذللة له ، غير متكبرة ولا متجبرة.
د-عدم الدعاء بقطيعة الرحم . وعدم أكل المال الحرام ، فإنه يحجب استجابة الدعاء .
لذلك يجب على المسلم أن يكون أكله ومشربه حلالاً .
والخالق حريص على مصلحة عباده، فهو يتجلىI كل ليلة إلى السماء الدنيا، وينادي عباده أن يدعوه ، قَالَ صلى الله عليه وسلم : ( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ). هذه الفرصة اليومية يُفوتها كثير من العباد، غافلين ومتجاهلين فوائد الدعاء التي بها يتحقق جلب المصالح ودفع المفاسد ، وهو سلاح يتقى به العدو سوء القضاء، وبه يتم سرعة الفرج وتفريج الهم والكرب والغم . فالله كريم في عطائه ، رحيم بعباده . قَالَ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ وَالْهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الْوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ). فاللجوء إلى الله وطلب الرحمة منه أمر هام في حياة المسلم ؛ لأن المداومة على ذلك يُشعر المسلم بالضعف والحاجة إلى الله، والخوف والخشية منه صلى الله عليه وسلم ، فبذلك يزيد إيمانه .
اسم الكاتب: د. فاطمة بنت سالم باجابر (السعودية)