إن الله تعالى خلق الزوجين من البشر آية من آياته العظيمة، الدالة على عظيم حكمته تبارك وتعالى، وجعل بينهما مودة ورحمة، وما كان لها أن تكون بالكيفية الصحيحة إلا بإذن الله تعالى، وبتطبيق منهجه سبحانه وتعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة)
فمن آياته في هذا الزواج أن كل واحد منهما سكنا وراحة وطمأنينة ورحمة تتدفق للآخر، وتفيض عليهما هدوءً وسروراً بعد كدر المشاغل اليومية، وما يتبع ذلك من المودة والرحمة بعد ضجيج الحياة؛ وما قد يحدث فيها مما يُعَكِّر صفو الحياة. وهذا هو الأصل في الحياة الزوجية.
ولكن قد يحدث ما يُناقض هذا الأصل، ما قَلَّ منه أو كَثُر. فيحدث الشجار والتنافر بدرجات متفاوتة، فقد يكون أحيانا، وقد يكون نادرا، وقد يكون أكثر أو أقل ً. فما سِرُّ ذلك تربويا باختصار ؟ وما علاجه تربويا باختصار.
إن من أسباب ذلك: النشأة غير الصحيحة، وعدم توفر القدوة المحيطة بهم، أو قد تكون موجودة ولم يتعرفا عليها. وكذلك عدم فهم وإدراك خصائص المرأة من قبل الزوج. وعدم إدراك المرأة لخصائص الرجل، وما يلزم من مراعاة لذلك. ومن الأسباب القوية عدم فهم الحقوق الشرعية لكل واحد منهم على الآخر. وإن فَهِمَ ذلك أحدهما أو كلاهما فقد لا يتقي الله في الآخر بالتطبيق. ثم عدم إدراك الثواب الجزيل لمن أكرم زوجته وسعى في توجيهها وإصلاحها. وعدم إدراك الزوجة لذلك إذ هي أطاعت زوجها في غير معصية، وعالجت أمر زوجها بحكمة واقتدار. ومن أسباب ذلك إخراج الخلافات الزوجية إلى خارج البيت الزوجي، وما يتبع ذلك من تدخلات هي للحمية أكثر من نصرة للحق. ومن الأسباب عدم مراعاة الأحوال النفسية عند الآخر، فليس الإنسان صورة واحدة لا يتأثر بضغوط الحياة ومكدراتها، فتراه تارة مسرورا، وتارة متكدراً. ومن الأسباب تأويل الخطأ على أنه مُتَعَمّد ومقصود؛ وهو ضد ذلك تماماً.
وعلاج ذلك باختصار الرجوع للأسباب المذكورة آنفاً في هذه المقالة، والسعي لإزالتها، مع الإدراك التام بأن النفوس قابلة للتغيير، خاصة بين الزوجين، وبالتالي عدم اليأس من تغيير الأحوال، وأساس ذلك الدعاء والإلحاح على الله تعالى، وأن يبدأ الإنسان بتطبيق الحقوق التي عليه للآخر، دون أن ينتظر منه المماثلة، فسوف يشعر الطرف الآخر بهذا التغيير، فيدفعه إلى المماثلة، ولكن قد لا يكون هذا سريعاً، وأن يجعل هذا التطبيق للحقوق استجابة وطاعة لله تعالى، لأن ذلك أدعى للاستمرار.
وإذا كانت الحقوق غير معروفة لديه أو لديها فيلزم معرفتها بدقة، لأن المرء محاسب أمام الله تعالى عن ما ضيع من حقوق العشرة، وتأمل ما أجمله الله تعالى من حقوق للمرأة(وعاشروهن بالمعروف) فهل تتم المعاشرة بالمعروف ؟ وقال صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) وقال صلى الله عليه وسلم في حق الزوج (إذا صَلَّت فَرْضَها، وصَانَت فرجها، وطاعت زوجها، دخلت الجنة) فأي شيء أدعى من هذا الثمن لطاعة الزوج، والصبر عليه ؟.
وإذا تأزم الأمر بين الزوجين، فيستعينا بأهل العلم والفضل والخبرة، فهؤلاء لديهم القدرة بإذن الله تعالى في السعي نحو تحقيق الهدف…