بالرغم من الجهد والجهاد الذي كان يقوم به رسول الله r في مناحي حياة المسلمين المختلفة إلا أن التعليم قد أخذ حظه وازدهر بصورة ليس لها مثيل، حيث تسابق المسلمون في هذا المضمار، وانتقلوا من الأمية والجهل إلى العلم ؛ فأصبحوا به قادة البشرية في الخير والهدى والصلاح، فلقد جاء الإسلام وعدد الذين يقرؤون ويكتبون في قريش سبعة عشر رجلاً، منهم عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم. وفي الأوس والخزرج عدد يكتبون، منهم سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت.
إن هذه الإشارة تدلل على أنه لم تكن هناك كتاتيب قبل الإسلام في مكة والمدينة، وأن القراءة والكتابة كانت محدودة في نفر قليل، فلما جاء الإسلام تغيرت الأحوال التعليمية، كغيرها من بقية الجوانب الأخرى، حيث اهتم رسول الله r بقضية التربية والتعليم اهتماماً عظيماً، إذ بها بدأ الله تعالى رسالة نبيه محمد r عندما أوحي إليه في الغار (إقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، إقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم). ورفع الله تعالى منـزلة العلماء، ومكانة العلم. كما جعل المنهج الإسلامي الفضل العظيم والأجر الجزيل لطالب العلم، التي بينها القرآن الكريم وفصَّلتها السنة النبوية، فقد قال الله تعالى (يرفَعِ الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وقال تعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب). فهذه المنطلقات القرآنية العظيمة عززت العلم في الإسلام، ورفعت من مكانة أهله، كما بينت المقارنة العظيمة القدرَ الذي يناله العلماء من الرفعة والعزة، فشحذت الهمم نحو طلب العلم وتعليمه, وفَعَّل رسول الله r هذا المنهج الرباني بأقواله وأعماله وتوجيهاته العظيمة.