المبحث الثالث: حقوق الطفل في التربية العقلية:
ومن الحقوق التربوية للطفل في الشريعة الإسلامية، بناء عقله بالعلم والمعرفة، فالتعليم مهمّته صقل العقل وتمرينه على سرعة الإدراك، وربط الأسباب بالمسببات، والعلل بالمعلولات، وبذلك يكون إدراكه دقيقا وعميقا، والعقل وعاء العلم ووسيلة حفظه وازدهاره.
والتربية البناءة هي التي تتيح للعقل فرص النمو والنضج والعطاء، وكمال العقل وقوته ونماؤه إنما يكون بالعلم، ولذلك جاءت الشريعة تأمر بالتعلّم، وذلك في سياق حفظ العقل، إذ لو لم يتعلّم العقل لكان ذلك هدرا له، فيكون التعلّم إذن أهمّ أسباب حفظه، قال الله عزّ وجلّ: (وَقُلْ ربِّ زِدْنِي عِلْماً) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ)).
ولذا فإن تعليم الأطفال ما ينفعهم ضرورة دينية، وواجب تربوي، وفريضة اجتماعية، وحق متأصل من حقوقهم لا ينبغي التفريط فيه، و”من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبَل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا”.
المبحث الرابع: حقوق الطفل في التربية الأخلاقية:
الأطفال في هذه المرحلة العمرية بحاجة ماسة إلى التربية الأخلاقية، لأن عقولهم تكون أكثر قبولا للمؤثرات التي تكتنفها، وبفطرتهم يحبون التقليد والمحاكاة، فيمكن استغلال هذه الفترة في غرس القيم الأخلاقية في نفوسهم، قال الغزالي رحمه الله: ” اعلم أن الطريق في رِيَاضَةِ الصِّبْيَانِ من أهم الأمور وأوكدها، والصبيان أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل مَا نُقِشَ، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فَإِنْ عُوِّدَ الْخَيْرَ وَعُلِّمَه نشأ عليه وَسَعِدَ في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبوه وكل معلِّم له ومؤدِّب، وَإِنْ عُوِّدَ الشَّرَّ وَأُهْمِلَ إهمال البهائم شَقِيَ وهلك، وكان الوِزْر في رقبة القيِّم عليه والوالي له”. وهكذا كان دأبه صلى الله عليه وسلم مع الأطفال، فعن عُمَر بْن أَبِي سَلَمَةَ، قال: كُنْتُ غُلاَمًا فِي حجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.
المبحث الخامس: حقوق الطفل في التربية الاجتماعية:
التربية الاجتماعية بمعناها الواسع تشمل التنشئة الاجتماعية التي تُعَرّف في التربية الإسلامية بأنها تعني قدرة الفرد على التكيف مع الآخرين، والتفاعل معهم ومشاركتهم في نشاطاتهم الاجتماعية المختلفة وفق شرع الله”.
ومن حقوق الطفل في الإسلام أن يُرَبّى ويُنَشّأ تنشئة اجتماعية سليمة، وهي عبارة عن عملية تربية وتعليم هدفها تشكيل شخصية الطفل من جميع الجوانب سواء الروحية أو العقلية أو الجسمية أو المعرفية أو السلوكية ونحوها، وفقاً لمعتقدات المجتمع وعاداته وتقاليده و أعرافه ونظم تفكيره.
ومن أهم ما يجب أن تقوم به الأسرة في شأن التنشئة الاجتماعية للطفل ما يلي:
أ- أن تعتني بتنمية الروح الاجتماعية، وروح التعاون والتكافل لدى الأطفال.
ب- أن تساعد الأطفال على اكتساب القدرة على استيعاب التغيرات الاجتماعية المرغوبة والتكيف معها، وعلى المساهمة الإيجابية في إحداثها ودفعها إلى الأمام.
ج- أن تهتم بتخليص الأطفال من الأفكار العنصرية والقبلية والطبقية الضيقة، وتنمية روح الولاء والانتماء للمجتمع الإسلامي.