حادي عاشر : إذا أردت أن تعصيه فلا تسكن ملكه وأخرج من ملكه ، فإذا كنت لا تستطيع فكيف تسكن ملكه وتعصيه فيه ، أهكذا تفعل أمام خالقك وهل تستطيع فعل ذلك أمام من استضافك في بيته ؟؟ وهل تقبله لنفسك مع بعض ضيوفك ، يأتيك الضيف في بيتك فيعصي الله أمامك ويعصك في بيتك وأنت تنظر ، فلا شك أنك لا ترضى بذلك فكيف رضيته لربك تعالى . هل ذهب منك الحياء.
ثاني عشر : إذا جاءك ملك الموت وأنت لم تتب من معصيتك بعدُ ؛ فاطلب منه أن يؤخرك قليلا حتى تتوب من جميع ذنوبك وتصلي لله ركعتين فلا شك أنك ستقول لا أستطيع ..
ثالث عشر :تفكر إذا مت على ذلك وجاءتك زبانية النار ليأخذوك ويلقوك فيها مكبلا بالسلاسل ، كما قال تعالى : { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} سورة الحاقة .
فدافع عن نفسك وامتنع من الملائكة الذين وصفهم الله تعالى بقوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} سورة التحريم .
فلا شك أنك ستقول لا أستطيع، فإذا كنت لا تستطيع ، أن تختبئ وأن تخرج من ملكه وأن تترك رزقه ، وأن تؤخر أجلك إذا حضرك ، وأن تمتنع من زبانية النار ، فاستيقظ من سكرتك قبل وقوع الأمر بك أم أنك لا تستطيع ؟ فإن كنت لا تستطيع – فاصدقني القول – لأقول لك أنت مجنون مختل العقل مرفوع عنك القلم افعل ما شئت فأنت تحتاج إلى مصحة يراقبك فيها أطباء أذكياء عقلاء حذاق حتى ينقذوك مما أنت فيه ، وإلا كيف يهون عليك مراقبة خالقك وإلهك ومولاك ، ورازقك ومن أكرمك وعلمك ولطف بك وأحسن إليك ، وهو يراك حين تقوم وتقبلك في الحياة ، ويسمعك حيث كنت وأحللت ، ثم تذهب للمعصية برجليك وربما تذهب وأنت تستغفر الله بلسانك ونفسك تلهف للمعصية ؛فأي عقل عندك ؛وأي تناقض للعقل أكبر من هذا ، أخي يا من أسرفت على نفسك تب إلى الله واستعن به وابتعد عن رفقة السوء ومجالس السوء ، وأهل البدع والمحدثات ، ولا ترتاد الأسواق ، والشوارع التي يكثر فيها الفساد ، وعليك بتحصين نفسك بالعلم ، والزواج والصيام ، وذكر الله والرفقة الصالحة ؛ فإذا تبعتك المعصية وبرزت لك وتغلب عليك شيطانك وضعفت فاهزمه بالتوبة والاستغفار مرة ثانية وثالثة وهكذا جدد التوبة والاستغفار في يومك وليلك ، فإنك ستجد أثر ذلك ، وإن ربك لن يتخلى عنك فقد قال لعدونا إبليس :{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا } سورة الإسراء .
وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلّم فيما صح عنه أنه قال 🙁 لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ، مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ) صحيح مسلم (2744).
فإذا أحببت أن تتخلص مما أنت فيه فكن محسنا الظن بربك فرحا به موحدا له مبتعدا عن الأهواء والبدع ، عبدا ليسدك وأخلص له في الخدمة يخلصك ؛ وأصدق معه يصدقك وارجع إليه واسأله سؤال مضطر ، وقد جل في علاه قال: ( أمَّنْ يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) أسأل اللهالكريم رب العرش العظيم أن يتوب علي وعليك وعلى جميع العاصين المذنبين من المؤمنين إنه ولي ذلك والقادر عليه .