عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال:خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه فصلى فإذا ركع وضعها وإذا رفع رفعها.
ففي هذا الحديث عدة فوائد تربوية منها :
فيه اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالبنت الصغيرة صبية كانت أو جارية ، قولا أوفعلا ، ممازحة أو تقبيلا أو ملامسة، ويتأكد هذا الاهتمام في حمل النبي صلى الله عليه وسلم لأمامة بنت ابنته زينب رضي الله عنهاعلى عاتقه وهو في الصلاة. وقد بوّب البخاري على ذلك بباب “إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة “.
فيه دعوة للآباء إلى ضرورة العناية بهذا الجانب وعدم التهاون به والتهوين من شأنه، فقدوتنا ومربينا محمد صلى الله عليه وسلم ضرب لنا المثل الأعلى في ذلك؛ إذ كانت بناته وحفيداته وربيبته محل اهتمام ورعاية كبيرين منه صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:” ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا من فاطمة برسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت إذا دخلت عليه رحّب بها وقام إليها فأخذ بيدها فقبّلها وأجلسها في مجلسه”. بل كان ربما ترك بنت غيره صلى الله عليه وسلم تلعب وتمرح في حجره ولا يتركها حتى تنصرف وقد أخذت حضها من اللعب والمزاح معه صلى الله عليه وسلم؛ فعن أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت :أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعلي قميص أصفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سنه سنه ) . قال عبد الله وهي بالحبشية حسنة قالت فذهبت ألعب بخاتم النبوة فزبرني أبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دعها ) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ) . قال عبد الله فبقيت حتى ذكر .وقد بوب البخاري على ذلك بباب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها ، والقبلة هنا هي قبلة الحنان والعطف والإشفاق لا قبلة شهوة، والممازحة للصبي لأجل تأنيسه وإزالة الوحشة عنه ،قال ابن حجر : إن الممازحة بالقول والفعل مع الصغيرة إنما يقصد به التأنيس ، كما اقتدى الصحابة رضي الله عنهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فأبو بكر الصديق الخليفة الأول للمسلمين رضي الله عنه وأرضاه كان يقبل ابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث روى البخاري عن البراء قال: “…فدخلت مع أبي بكر على أهله فإذا عائشة ابنته مضطجعة قد أصابتها حمّى فرأيت أباها يقبل خدّها وقال كيف أنت يا بنية”؟! قال في عون المعبود(1489):” قوله: يا بنية تصغير بنت للشفقة ،وقبّل خدّها : أي للمرحمة والمودة أو مراعاة للسنة قاله القاري”.
ونشر في المجلة الإصلاحية الجزائرية