لقد أعطى الإسلام تنمية المؤهلات الفكرية للإنسان بمكانة متميزة في الإسلام؛ ” لأن المعرفة هي المفتاح لعبادة الله، وإدراك القدرة والحكمة الإلهية، وسر النظام الذي يحكم الأشياء، والخلق، ومجموع الكون، قال تعالى: ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ، ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون ) .
وبالمعرفة أيضا يستطيع الإنسان أن يستغل خيرات الأرض لما فيه صالح البشرية وسعادتها”.
وتعتبر الحواس من أهم المداخل الأساسية للمعرفة، ” وأن تفعيلها في الحياة يساعد الإنسان على تكوين المفاهيم والاتجاهات والمهارات، وإدراك ما يحيط به من ظواهر طبيعية، ويعتبر العقل أيضا من المداخل الأساسية للمعرفة، لأنه يجمع الإحساسات السابقة واللاحقة، ويعطي لها تفسيرا معينا هو ما يعبر عنه بالفكر ” قال تعالى:( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ) .
ومن هذا المنطلق نجد القرآن الكريم ينوه العلم والعلماء، فمرة يبين عدم تسويتهم بغيرهم بقوله:( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) ، ومرة يبين مكانتهم العالية فيقول : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير)، ومرة ثالثة يقدر علمهم وشهادتهم، فيقول: ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) .
ويأتي تركيز الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في تربيته للمسلمين “على حفز الجهد العلمي والمعرفي منطلقاً من فضل العلم، دون تحديد لنوعية العلم، فالإنسان في حياته الدنيا بحاجة إلى كل أنواع العلوم، والتي تنموا وتتطور – كماً ونوعا – مع استمرار الحياة “.
ولقد اتفق علماء الإسلام على أن من العلم ما هو فرض عين على كل فرد في المجتمع المسلم “كتعلمه أحكام دينه، وفهم عقيدته، وعباداته، وما هو فرض كفاية، كتعلم العلوم والمهن التي تلبي حاجات الناس في المجتمع، والتي بها قوام الدين والدنيا للجماعة المسلمة من علوم الدين وعلوم الدنيا جميعا. فإذا نهض عدد كاف من العلماء والخبراء والمختصين في كل مجال، وسدّوا حاجات الأمة، فقد أدت الأمة واجبها، وسقط عنها الإثم والحرج، وإذا قصّرت الأمة في إعداد هؤلاء لسد الحاجات في كل الجوانب، وغدت عالة على غيرها، فهي آثمة “.
وبهذه الإرشادات التربوية من القرآن والسنة وكلام علماء الأمة ينبغي اقتباس ” كل ما جد في الحياة من علوم ومنجزات حضارية نافعة للمجتمع إن لم تكن موجودة، أو العمل على تحضيرها وإنشائها وإتقانها في المجتمع المسلم، وهذه من فروض الكفاية كما حقق علماء الإسلام، وتتطلب الاهتمام بالبحث العلمي ورصد المبالغ الضخمة له، كما تفعل الدول المتقدمة اليوم، ولقد جاء على المسلمين حين من الدهر كانوا أصحاب الحضارة الإنسانية في العالم، وكان الغرب يقتبس من علومهم وإنجازاتهم الحضارية، ثم غفا الشرق الإسلامي، وانتقلت شعلة الحضارة والمدنية إلى الغرب، فإذا ما أضطر المجتمع المسلم اليوم إلى اقتباس شيء جديد من الغرب، فإنما يستوفي ما سَلَف له من دين”.