“إن الهدف التربوي العام والشامل للتعليم في الإسلام، هو تحقيق العبودية الحقة لله تبارك وتعالى، فلا يُقصد التعليم في الإسلام لذاته؛ بل هو وسيلة لتحقيق العبودية لله عز وجل؛ لذا؛ فإن جميع الجوانب التعليمية في دائرة التربية الإسلامية تهدف إلى تحقيقها.
وعن طريق التعليم الإسلامي، يُتوصل إلى المعرفة الحقة بعظمة الخالق، ثمّ بمكانة الإنسان في الكون والحياة، وبذلك تتضح العلاقة القائمة بين العبد المخلوق، وبين المعبود الخالق المستحق للعبادة والطاعة، لذلك حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من صرف مقاصد التعليم لغير الله تعالى، فقال من تعلم علما مما يُبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلاّ ليصيب به عرض الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني ريحها.
ومن هنا أدرك العلماء أهمية التعليم الإسلامي في تحقيق العبودية لله تعالى؛ قال القاضي أبو يوسف” يا قوم أريدوا بعلمكم وجه الله تعالى؛ فإني لم أجلس مجلساً قط أريد فيه أن أتواضع إلاّ لم أقم حتى أعلوهم، ولم أجلس مجلساً أنوي فيه أن أعلوهم إلاّ لم أقم حتى أفتضح، والعلم عبادة من العبادات، وقربة من القرب”
ويتفرع عن هذا الهدف العام أهداف فرعية أخرى، وفيما يلي بيان لأهمالأهداف التي يسعى التعليم الإسلامي إلى تحقيقها:
1.إعداد المسلم الصالح، الذي يعبد الله بالمعنى الصحيح للعبادة، ويقيم بنية حياته الأرضية بما يتفق مع الشريعة، ويستخدمها لخدمة دينه.
2.فهم الإسلام فهمًا صحيحًا، كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والتمسك به قولاً وعملاً، وغرس العقيدة الإسلامية، وتنميتها في نفوس المتعلمين.
3.إعداد الإنسان للعبادة الصحيحة، والتكيف مع الحياة الدنيا، والعمل للحياة الأخرى.
4.إشباع عاطفة التديّن لدى المتعلمين، وذلك بتعريفهم كيفية أداء الشعائر التعبدية على وجهها المشروع.
5.تحصين المتعلم فكريا، وتزويده بالعلم الشرعي حتى يستطيع مواجهة التيارات الهدامة، والنحل الضالة، المعادية للإسلام، “فحينما يسود الوعي، والفهم الصحيح أوساط المجتمع المسلم، تضمحل الفرص أمام أعداء هذا الدين من الظهور على مسرح الأحداث، وتهيأ الأجواء المناسبة لأصحاب الفكر السديد لأن يؤدوا دورهم المناط بهم بفعالية ووضوح”.
6.إعداد الإنسان الصالح المصلح، فإن من أهم غايات التعليم الإسلامي؛ الرقي بالإنسان في إطار المنهج الإلهي، ليكون صالحا مصلحا، آمرا بالمعروف، معينا على فعلهن ناهيا عن المنكر، داعيا إلى تركه.
7.تربية وجدان المتعلمين بغرس القيم والفضائل، والآداب الإسلامية في نفوسهم ليسلكوا السلوك السوي في حياتهم.
8.تبصير المتعلم بشمولية التعليم الإسلامي في معالجة مختلف القضايا السياسية والاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها.
9.توثيق صلة المتعلمين بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
10.ترسيخ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في أقواله وأفعاله، واتخاذه مثلا أعلى في الحياة، واتخاذ الصحابة والتابعين، والعلماء، والعاملين نماذج بشرية يُقتدى بها.
11.إعداد مجتمع يؤمن بالله واليوم الآخر، ويوحد الله في الاعتقاد والعمل
12. تزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية، وبالمثل العليا، وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة.
13.وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة، وتطوير المجتمع اقتصاديا، واجتماعيًا وثقافياً، وتهيئة الفرد، ليكون عضوًا نافعًا في بناء مجتمعه.
14.تنميه روح الولاء لشريعة الإسلام ، وذلك بالبراءة من كل نظام أو مبدأ يخالف هذه الشريعة ، واستقامة الأعمال والتصرفات وفق أحكامها العامة الشاملة .
15. إحياء شعائر الإسلام والقيام بفروضه وعباداته, ومما يؤكد ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة” ويقصد به التعليم الديني من قرآن وسنة وما إليها.
16. النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- بصيانتهما ، ورعاية حفظهما ، وتعهد علومهما ، والعمل بما جاء فيهما .
17. تشجع وتنمية روح البحث والتفكير العلميين ، وتقوية القدرة على المشاهدة والتأمل ، وتبصير الطلاب بآيات الله في الكون وما فيه وإدراك حكمة الله في خلقه؟ لتمكين الفرد من الاضطلاع بأداء رسالته في بناء الحياة الاجتماعية ، وتوجيهها توجيها سليما .
18.تزويد الناشئ بما يحتاج إليه من العلوم والآداب والفنون والتدريبات العملية حتى يكون أفراد الجيل مواطنين صالحين مؤمنين بالله مدركين لواجباتهم وحقوقهم معتزين بإسلامهم .
وقد ذكر مقداد يالجن عشر أهدافا عامة للتعليم، لا تخرج مضمونها عن الأهداف السابقة، وهذه الأهداف هي كالتالي .
1.تكوين تصور متكامل عن الإسلام على أنه أفضل نظام للحياة الإنسانية بصفة عامة.
2.تكوين الوازع الديني، والمسئولية الربانية في النفوس.
3.تنمية روح التمسك بالمبادئ والقيم الإسلامية.
4.إشباع الحاجة إلى المعرفة بجميع جوانب الإسلام، وتكوين القناعة بها.
5.تزويد المتعلمين بالحكمة وحكمة المبادئ والقيم الإسلامية جميعا.
6.تكوين بصيرة غقلية وعلمية للتمييز بين المفاهيم الصحيحة والدخيلة في الإسلام.
7.تكوين القدرة للدفاع عن القيم الإسلامية، ومحاربة الأفكار الهدامة بالحجج والبراهين.
8.تكوين قدرة استنباط الأحكام والمبادئ والقيم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
9.تنمية جوانب التربية الإسلامية من خلال تلك العلوم الإسلامية، وذلك مثل التربية العقلية، والاعتقادية، والروحية، والأخلاقية، والإدارية، والإبداعية، والجهادية، والاقتصادية، والحضارية.
10.تكوين الروح الداعية إلى الإسلام في نفوس المتعلمين.
ويمكن تلخيص بهذه الأهداف إلى أربعة أهداف رئيسية وهي :
1. البناء الديني.
2. البناء الاجتماعي.
3. البناء المادي (نفعي) لكسب العيش.
4. البناء العلمي.
والناظر في مؤلفات السلف يلاحظ أنهم قد حققوا هذه الأهدف كلها، وبذلوا أعمارهم في سبيل تعليم الأمة العلم النافع, ولم يقبلوا عليه أجراً ولا وظيفة، ولا أباحوا لأنفسهم أن يأخذوا درهما ولا ديناراً في سبيل نشر العلم والمعرفة, وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ويليهم بقية الصحابة كابن عباس، وعبد الله بن عمر، والأئمة الأربعة ( أبو حنيفة النعمان، والإمام مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل)،وغيرهم من كبار الصحابة والتابعين، فكانوا قدوة في العلم والعمل بمقتضى هذا العلم، وبينوا أن عدم العمل بالعلم سبب من أسباب محق بركة العلم، لذا؛ كانوا أحرص الناس على العمل بما يتعلمون:
فهذا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : ” كان الرجل منّا إذا تعلم عشر آيات لم يتجاوزهنّ حتى يغرف معانيهن والعمل بهنّ