عندما تفقد قوى النفس البشرية عوامل الثقة، وتتجرد من مقدراتها وإمكاناتها قد تسيطر عليها مشاعر العجز كبديل يملأ ذلك الفراغ النفسي، وفي مشاعر العجز إذا تملكت صاحبها ما يدفع المرء إلى الاحتذاء بمن يرى أنهم متفوقون عليه، وبالتالي تتلمس قوتها عند صور القوة في غيرها من البشر. حيث أن المغلوب مولع بالإقتداء بالغالب، كما قال ابن خلدون.
إذ يرى المغلوب في تقليدهم مخرجا وعلاجا قد ينقله ويخرجه مما يعاني منه. وهذا يحدث للمجتمعات كما يحدث للفرد.
وإذا عرف الإنسان هذه النزعة المكتسبة فعليه أن يحترز ممن يرى تفوقهم عليه، وذلك بالتأكد من أن تفوقهم محبوب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وإذ لم يضع هذا المرتكز نصب عينه، انحرف تقييمه لعجزه، وكذا تقييمه لمن يرى التفوق فيهم.
وعدم إدراك هذا الاحتراز قاد البعض إلى تقليد من كانت شهرتهم في انحرافات الأخلاق والدين، وفي النظرة للحياة.
والإسلام في منهجه العظيم، يوجه المسلم إلى ما يربي فيه التقييم الصحيح من خلال بيان الحقائق والمقارنات، قال تعالى (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) وفي هذا المسلك القرآني العظيم، بيان لحقيقة العلو والعزة المرتبطة بالإيمان، والنظرة إلى المفارقة الحقيقة لا المفارقة الوهمية.( وهذا في حق المقارنة مع الكفار) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا).
كما يوجه الإسلام إلى حسن استثمار هذه المشاعر، مشاعر الشعور بالعجز، من خلال المقارنة بالعاملين المخلصين، كما قال صلى الله عليه وسلم (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار, ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل و النهار) وحسد الغبطة هو نتيجة الشعور بأن غيره أفضل منه، ويتمنى أن يدرك ذلك الفضل الذي حضي به.
وتربية النفس على حسن استثمار هذه المشاعر وتوجيهها التوجيه الصحيح يعزز العملية التربوية، ويرتقي بها نحو التقدم.
كما أن المتربي يحتاج إلى من يبصره بحقيقة الأشياء حتى لا يغتر بصور شهرة المهانة الخادعة فيرى فيها القوة، ليقتدي بها، كما يحصل عند بعض الشباب في تقليد شباب الغرب في زيهم وأشكالهم .